هنالكٌ تصوُّرٌ شائع بأن البحث في الفضائح السّياسيّة أو الفساد يتطلّب من الصّحفيين أن يضعوا أنفسهم في مواقف تعرّضهم للخطر أو أن يتخفّوا، كما تقول الصّحفيّة الاستقصائيّة الرّومانيّة “إميليا شيركان“.
أين وجدت أكبر القصص الصحفيّة في حياتها المهنية؟ وجدتها بالذّهاب إلى المكتبة العامّة.
تقول: “يمكنهم أن يودعوا أموالهم في حساباتٍ في سويسرا وبلدان أخرى، ويمكنهم تسجيل ممتلكاتهم باسم شخصٍ آخر أو باسم أفراد عائلتهم، لكنّهم لا يستطيعون إخفاء كتبهم أو رسائل الدّكتوراة التي كتبوها”، في إشارةٍ إلى المستهدفين بتحقيقاتها، والعمل الذي أدى في بعض الأحيان إلى ترفيعهم. “إنها موجودةٌ في المكتبة ومتاحةٌ للجميع”.
أمضتْ “شيركان” السّنوات السّبع الماضية في الكتابة عن سرقاتٍ أدبيّة مزعومة في رسائل الدّكتوراة ارتكبها أشخاص من النّخبة الرومانيّة. وجدتْ تحقيقاتها أدلّةً على نسْخٍ من مؤلّفين مشهورين وأعمال طلّاب آخرين، فضلاً عن الوزراء الذين استخدموا بشكل ملحوظ خطوطًا مختلفة بين الفصول، أي بعبارة أخرى: لم يغيّروا حتّى الخطّ أو شكل الصّفحة من المكان الذي يبدو أنّهم نسخوها منه.
نشرتْ عشرات التّحقيقات حول السّرقة الأدبيّة والاحتيال الأكاديمي في أطروحات الدّكتوراة لخمسين شخصًا تقريبًا في المجموع. ومن بين أولئك الذين تتّهمهم بالسرّقة الأدبيّة رئيس الوزراء الرّوماني الحالي، ووزراء الدّفاع والصّحة والتّعليم، وعددٌ من رؤساء الجامعات، وقادة الشرطة، وجنرالات الجيش، والمدّعين العامّين، والقضاة. يمكن النّظر إلى عملها إجمالًا على أنّه إزالةٌ للمؤهّلات الأكاديميّة لجناحٍ كاملٍ من الدّولة في رومانيا، وقد بدأت القصّة كلها بمراجعةالهوامش والببليوغرافيات المثيرة للرّيبة.
لقاء بالصّدفة
أمضت “شيركان” سنواتٍ في الاستقصاء عن الفساد الاقتصاديّ والسّياسيّ كصحفيّةٍ ثمّ كمحرّرة، وأدارت لاحقًا قسم التّحقيقات في صحيفةٍ غطّتْ عدّة قصصٍ من بينها فضيحة فسادٍ تورّط فيها رئيس وزراءٍ سابق.
وكتبتْ هي أيضًا رسالة دكتوراة لاحقًا، وتعمل حاليًا أستاذةٌ مساعدة في قسم الصّحافة في جامعة بوخارست. وتقول إن عمليّة كتابة رسالتها كانت شاقّةً ومعقّدةً وتتطلّب وقتًا طويلاً، لكنها علّمتها أيضًا كمّ الجهد اللازم لإكمال دراساتٍ على هذا المستوى.
بدأت العمل على السّرقة الأدبيّة الأكاديمي “بالصّدفة تقريبًا”. سمعت ذات يوم في الأخبار أن أحد الوزراء البارزين في البلاد، وهو رجلٌ حاصلٌ على درجة الدكتوراة، سيُعيَّن رئيسًا مؤقتًا لوزراء رومانيا، وتساءلت: ألديه فعلاً القدرة الأكاديميّة لكتابة أطروحة؟ والأهم من ذلك أنه شغل عددًا من الوظائف رفيعة المستوى، إنّه عملٌ لا يتيح له الوقت اللازم للأبحاث الأكاديميّة العميقة. قادها الشّكُّ والفضولُ إلى البدء في البحث.
قالت للجمهور في مركز الصحافة الاستقصائية (CIJ) في لندن في تموز، وشرحت لاحقا في مقابلة مع الشّبكة العالمية للصّحافة الاستقصائيّة (GIJN) “ذهبتُ إلى المكتبة، وفتحتُ الأطروحة، حصل على أوّل [درجة عليا]. ولكن كان هنالك مؤشِّرٌ على وجود خلل: لم يكن هنالك حتى مقدّمة أو خاتمة. تساءلتْ كيف يمكن أن يكون عملٌ كهذا دون مقدّمةٍ وخاتمة إذا كان عليك تضمينها حتّى في المقال؟”
“في الصّفحة الأولى، وجدتُ في الحاشية الأولى “op cit” وهو اختصارٌ للمصطلح اللاتيني “opere citato”، والذي يُستخدم في الكتابة الأكاديمية للإشارة إلى المراجع التي تمّ الاستشهاد بها سابقًا. “قلتُ: أين، إذا كانت هذه الحاشية في الصّفحة الأولى؟ كان هنالك علاماتٌ واضحة على وجود مشاكل في هذه الأطروحة. في غضون ساعتين، اكتشفتُ حوالي 40 صفحةً مسروقةً، حتّى من مشرف الدّكتوراة الذي لم يُلاحظ أن طالبَه سرقَ بحثَه. نشرتُ القصة الأولى: كانت صامتة“.
انتقدَ رئيسُ الوزراء المؤقّت قصّة “شيركان” على صفحته على فيسبوك، واصفًا إياها بأنّها “رجم إعلامي”. لكن الجهة الرّومانية التي تشرف على الدّرجات والمؤهّلات الجامعية قضتْ لاحقًا بأن أطروحته مسروقة وأوصتْ بسحبها، حسب ما جاء في تقرير لـ Times Higher Education.
عادتْ “شيركان” إلى المكتبة ووجدتْ حالةً أخرى، ثم حالةً ثالثة، وسادسة، وكلّها مرتبطة على ما يبدو بنفس السّياسيّ، الذي أصبح منذ ذلك الحين مشرفًا على رسائل الدّكتوراة، وبدأتْ في نشر قصصها على منصّة النّشر الرّقميّ المستقلّة PressOne. وتقول إن الغالبيّة العظمى من الأمثلة التي فحصتها “شيركان” “كانت مسروقة”. واختفتْ أطروحةٌ أخرى – تخصّ مسؤولاً في الاستخبارات وأحد أقوى الرّجال في رومانيا – بطريقةٍ غامضة من المكتبة الوطنيّة.
كيف يُقبض على لصٍّ فكريّ
ما مدى صعوبة اكتشاف السّرقة الأدبيّة؟ وكيف يمكنك اكتشافها؟ تقول “شيركان” إنّها وجدتْ في بعض الحالات أدلّةَ السّرقة في الصّفحة الأولى. وفي حالات أخرى كان الأمر يستغرق يومين أو ثلاثة. وبالنّسبة للحالات الأكثر صعوبة، كانت العمليّة تستغرق شهورًا من البحث المكثّف. ومن أصعب هذه القضايا قضيةُ وزيرٍ زُعمَ أنّه سرق رسالته وقيل إنّه استخدمَ موادّ من كتبٍ لا يمكن الوصول إليها على الإنترنت، وقالت إنّ هذه “كانت أصعب حالة”.
خلفيّةُ “شيركان” الأكاديميّة ساعدتها على فهم قواعد وآداب كتابةِ رسالة دكتوراة. أعطتْ هذه النّصائح للصحفيين الذين يعملون على التّحقيقات الأكاديميّة:
– انظر إلى السِّيَر الذّاتيّة. “لماذا؟ عندما تنظرُ إلى السّيرة الذاتيّة لشخصٍ حاصلٍ على درجة الدكتوراه كان يشغل منصبًا صعبًا للغاية في الدّولة الرّومانية، فإنّك تتساءل: هل كان لديه وقتٌ لدراسة الدّكتوراة؟ إنّها ليست كوظيفةٍ بدوامٍ جزئيّ. يجب أن تخصّص ثماني أو اثنتي عشرة ساعةً يوميًا للعمل على أطروحتك.”
– تتبّع الأثر الورقيّ. في رومانيا، كلّ الجامعات مطالَبةٌ قانونًا بإرسال نسخةٍ من كلّ رسائل الدكتوراة إلى المكتبة الوطنيّة. وهذا يعني أنه يمكن الاطّلاع عليها وفحصها. حاول المسؤولون في رومانيا تغيير القواعد. تقول “شيركان”: “لقد صُدموا. كانوا يعرفون أن أحدهم قد يكون الشخص التّالي الذي يُكتَشف أمره. لذلك أغلقوا الوصول إلى الأطروحات في المكتبة الوطنيّة”. صار عليها أن تقدّم طلبًا للوصول الإلكتروني إلى الأطروحة، ولكنها كانت في الغالب تصلُ إلى ما تحتاجه في النهاية. العمل الأكاديمي يترك حتمًا أثرًا ورقيًا.
– استخدمْ برامج الكمبيوتر للبحث عن مؤشّرات على السّرقة الأدبيّة: “في معظم الأحيان كنت أستخدم Google ، ولكن أيضا Turn It In” ، في إشارة إلى الموقع الذي يتحقّق من السّرقة الأدبيّة. كما أنّها تتأكّد بشكلٍ يدويّ. “أوّل ما أراجعُه هو الحواشي. ثم أنظر إلى الببلوغرافيا. وقالت واصفةً العلامات التي يجب التوقّف عندها “الأطروحات التي تستخدمُ خطوط طباعة مختلفة من فصلٍ إلى آخر: ينتقل من خط Times New Roman إلى Calibri”. وتقول إن أحد المؤلّفين لم يكلّف نفسه عناء تغيير خط المادة المنسوخة لتتناسب مع خط أطروحته – “لقد تركوها كما أخذوها”. في إحدى الحالات، كانت الأطروحة تحتوي على 80 صفحة مأخوذة دون ذكر المصادر، وكانوا يضعون في بعض الحالات عباراتٍ هنا وهناك، أو يستخدمون مرادفات حتى يبدو النصّ أصليًا. لكن على حدّ قول “شيركان”: “في معظم الأحيان كانوا يكتفون بالنسخ واللصق، وينسخون حتّى الأخطاء. وجدتُ أطروحةً مسروقةً من الكلمة الأولى إلى الأخيرة”.
استخدمتْ قصتُها حول السّرقة في أطروحة الدكتوراة لرئيس وزراء رومانيا الحالي – الجنرال السابق “نيكولاي سيوكا” – ترميز الألوان الأحمر والأخضر والأزرق لتسليط الضّوء على أوجه التّشابه بين الأطروحة والنصوص التي فحصتْها ضمن تحقيقها، مما مكّن القراء من أن يروا بأنفسهم الأجزاء التي وجدت فيها تشابهًا، أو العناصر التي تقول أنّها لم تُنسب لمصادرها بالشّكل الصّحيح. وفي إحدى الحالات، سلطت الضوء على سلسلة من 31 كلمة متطابقة. في مكانٍ آخر من القصة سلّطت الضوء على فقرات مأخوذة تقريبًا من مصدرٍ آخر دون ذكره بالشكل الصحيح. في المجموع، قالت أنها عثرت على محتوى مسروق في 42 صفحة من أصل 138 صفحة.
نفى رئيسُ الوزراء هذه المزاعم وقال لها ردًا على القصّة إن “أطروحته ثمرةُ بحثٍ علميّ لسنواتٍ من دراسة الدكتوراة وتعكس عمله المُنجَز“. وقال أيضًا إن أطروحته كُتبت “وفقًا للمتطلّبات القانونية التي كانت قائمة في ذلك الحين”. ردّت المحاكم ثلاث شكاوى سرقة أدبيّة ضدّ رئيس الوزراء لأسباب فنية، بعد أن اعترض على ادّعاءاتها، وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية. لكن هذا الحكم نفسه يخضع الآن للتّحقيق.
ومن الجدير بالذكر أنه بإمكان المسؤولين الرّومانيين الحاصلين على شهادات عليا الحصول على ترقيات والمطالبة برواتب أعلى بسبب هذه المؤهلات العلميّة. وتشير “شيركان” أيضًا إلى أن الجنرالات المحتَملين يمكنهم استخدام العمل الأكاديمي لتجنُّب بعض الامتحانات العسكريّة الصّعبة في العادة.
وجدت “شيركان” أن إجراءات وفشل الرّقابة الأكاديميّة تمثّل مشكلةً في ثلاث جامعات عسكريّة، بما في ذلك الجامعات التي يدرس فيها أعضاء أجهزة الاستخبارات والأمن القومي.
ردّ فعل عكسيّ
يقول “زولتان سيبوس”، وهو صحفيٌّ استقصائيٌّ ومؤسِّس منظّمة Átlátszó Erdély الرومانيّة العضو في الشبكة العالميّة للصحافة الاستقصائيّة، إنه رغم وجود فضيحة سابقة اتُّهم فيها رئيس وزراء بسرقة أطروحة الدّكتوراة – والتي نُشرت في مجلة Nature – إلا أن عمل “شركان” العنيد كشف مشكلةً منهجيّة.
وقال لـ GIJN “عملها موثَّقٌ بشكلٍ جيّد جيّدًا. تمكّنت بهذه الطّريقة من توثيق كيفية وجود هذه الشبكة الكاملة من السّرقة الأدبيّة. هذا عملٌ مدرٌّ للربح الوفير في رومانيا، أو لعلّه كان كذلك، إذ لدينا طبقاتٌ متعدّدة من السّرقة الأدبيّة”.
ويضيف: “هناك الكثير من المظالم في رومانيا، يحب النّاس رؤية هذه المرأة وهي تأخذ هذه القضيّة على عاتقها. لهذا السّبب أصبحت أيقونة. أصبحت نجمة”.
كان هنالك آثار أخرى بعيدة المدى أيضًا. تقول “شيركان” إن وكالة الاستخبارات الوطنيّة بدأتْ في التّحقُّق من رسائل الدكتوراة التي قدّمها موظّفوهم، ووجدتْ أن قرابة نصف الرّسائل المفحوصة مسروقة، مما أدّى إلى سحب بعضها. وفي الوقت نفسه وجد تحقيقٌ أجرتْه مؤسّسةٌ أخرى من المؤسّسات المعنيّة معدلاً أعلى من الرّسائل المشكوك في أمرها كما تقول.
وتشير “شيركان”، التي ألّفت ثلاثة كتب وحصدتْ عددًا من الجوائز في مسيرتها المهنيّة، بما في ذلك جوائز “أيون راشيو“ للصّحافة الاستقصائيّة، إلى أنها لم تُقاضى قطّ رغم عملها منذ سبع سنوات في الكتابة عن أصحاب النّفوذ. “لأنني حذرةٌ جدًا في كلّ ما أقوم به. يمكن لخطأ واحدٍ أن يدمّر كلّ شيء”. هدّد أحد الوزراء علنًا بمقاضاتها، لكنّه لم يُقدِم على ذلك.
ردَّ البعضُ على استقصاءاتها بالقول إنّهم أجروا أبحاثهم وفقًا لقواعد مختلفة وقدّموا رسائل الدّكتوراة بحسن نيةٍ وفقًا للمعايير الأكاديميّة السّارية في ذلك الوقت.
لكن الرّوماني “بول رادو”، الشّريك المؤسس مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد، قال: “إنّه وباءٌ وطنيٌّ لسوء الحظّ، يحصل النّاس على درجاتٍ علميّةٍ لا يستحقّونها. وجدت شيركان هذا العمل المتخصص، وكانت دقيقةً للغاية في عملها”.
ويضيف: “إنّها تركّز على السّلطة، كما ينبغي للصحفيين الاستقصائيين أن يفعلوا. إنها طبقةٌ من الناس الذين أصبحوا النّخبة بسبب هذه الشّهادات المزيّفة. لهذا عملها مهمٌّ للغاية: فهو يظهر خواء هذه الّنوع من المسؤولين الحكوميين. لقد وصلوا حقًا إلى ما هم عليه مستندين على أكاذيب”.
لكن مجابهة الدّولة وإحراجها يتطلّب الكثير من الشجاعة.
يقول “سيبوس”: “عليك أن تفهم نفسيّتهم. هؤلاء أشخاصٌ متنفّذون جدًا، وعادة ما يكونون أثرياء جدًا. ويريدون أن يظهروا بفضل درجات الدكتوراة هذه أنهم ينتمون إلى النّخبة الفكريّة أيضًا. تأتي حينها هذه المرأة التي تهشّم سمعتهم بكل بساطة، وفي كثير من الحالات تكون سمعتهم أكثر أهمّية من المال أو السلطة. هذا النّوع من الإحراج هو أسوأ ما يمكن أن يواجهوه”.
ورغم عدم الطّعن في صحّة تقارير “شيركان”، إلا أنها واجهتْ ردود فعل سلبيّة، بما في ذلك تهديدات بالقتل، وتعرّضت للإساءة على الإنترنت. سُرِّبت على الإنترنت صورٌ خاصّةٌ لها التقطها شريكٌ سابق قبل عقود. ولا يزال التّحقيق في ذلك جاريًا.
في نيسان، أعربت منظمة صحفيون بلا حدود، والمعهد الدّولي للصّحافة، وبعض منظّمات حرية الصحافة الأخرى عن “قلقها البالغ” إزاء مضايقة “شيركان” و”آثارها على حرّية الإعلام في رومانيا”.
وردًا على حملة تشويه ضدّها، دعتْ لجنةُ حماية الصّحفيين إلى اتّخاذ إجراء في قضيتها، مشيرةً إلى أنه “ينبغي حماية الصّحفيين الذين يغطّون قضايا المصلحة العامة والإشادة بهم، وليس تهديدهم”. وفي وقتٍ لاحق، أصدرتْ محكمةٌ رومانيّةٌ حكمًا بالسجن لمدّة ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ على اثنين من المسؤولين بتهمةِ تدبيرٍ تهديداتٍ ضدّ “شيركان“.
وقال “أتيلا مونغ”، ممثّل لجنة حماية الصّحفيين في أوروبا، للشّبكة العالميّة للصّحافة الاستقصائيّة إن “فضح المتنفّذين في بلدان أوروبا الشرقية ليس بالمهمّة السّهلة للصّحفيين وينطوي على الكثير من المخاطر”.
يقول “مونغ”: “بالنّظر إلى مسيرة “إميليا” المهنيّة وهذه التحقيقات – بعد أن كشفت ذلك بشكلٍ منهجيّ – من المحتمل أن هذا يجعلها العدو العلنيّ رقم واحد في بعض الدّوائر، “كامرأة، لا بدّ أن الأمر أكثر صعوبة”.
أين تكمن أهميّة الموضوع
تقول “شيركان” إن هنالك من يتساءل عن أهمية الموضوع، ولماذا أمضت سنوات في دراسة الحواشي وأطروحات الدكتوراة. فالسّرقة الأدبيّة في نهاية الأمر لا تُعدُّ جريمةً في رومانيا باستثناء الحالات التي تنتهكُ حقوقَ الطّبع والنشر.
تقول لهم: “هذا سرقة: سرقة أفكار شخصٍ ما وكلماته وصفحاته… عندما يسرق شخصٌ ما العملَ الفكريّ لشخصٍ آخر في بيئة أكاديميّة، فهذا يُعتبر جريمة. هذا النّوع من الجرائم، وهو جريمة فكرية، يكون أكثر فداحةً عندما يسرقُ أحدهم ليحظى بالاحترام الأكاديمي أو ليحصل على لقب الدّكتوراة”.
وتضيف: “يمكنك للمحتالين أن يدمرّوا فعلاً أساسيات الأمة. الأخلاق والنّزاهة مهمّان جدًا. تحوّل هذا الشّيء إلى ظاهرةٍ بين موظّفي الدولة، وهذا يدمّر قيَم مجتمعنا، وهو أمرٌ مهم جدًا”.
كما تتلذّذ “شيركان” بالطّريقة التي كشفتْ بها الفضيحة: وهي تعمل بهدوءٍ في المكتبة، على شيءٍ لم يُدرك أحدٌ حتى أنه قد يجعلهم عرضةً للتّشهير العلنيّ. أو كما يقول “شيركان”: “لقد خدشتُ شيئًا لم يتوقّعوا أبدًا أنّه قد يُلحق الضّرر بهم أو بصورتهم”.
يقول “رادو” إن الأجيال ستلمس الأثر “لقد أوقفت الإجراءات العاديّة عندما يتعلق الأمر بالترّقية القائمة على شهادات مزيّفة. لقد شعر هؤلاء النّاس بإحساسٍ عارمٍ بالعار، عارم وعلنيّ. في المستقبل، لن يستخدم الناس هذه التّدابير حتّى يتقدّموا. هذا يعني أن المستقبل سيكون أنظف بقليل عندما يتعلق الأمر بأشخاص في مواقع السّلطة”.
لورا ديكسون صحفيّةٌ بريطانيّةٌ مستقلّة. انضمت إلى GIJN كمحرّرة مشاركة بعد أربع سنوات من العمل الصّحفي في كولومبيا، وفتراتٍ من العمل المستقل في باريس وأوستن – تكساس. أعماُلها حول نهاية الصراع الذي دام 52 عاما في كولومبيا مع جماعة الفارك وأزمة الهجرة الفنزويليّة نشِرتْ في التايمز وواشنطن بوست وذا أتلانتيك ويو إس نيوز.