جدول المحتويات |مقدّمة | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث | الفصل الرابع
ملاحظة من المحرر: هذا فصلٌ افتتاحيٌّ منْ دليلٍ جديد لـ GIJN مكوّن من خمسة أجزاء للاستقصاء عن الانتخابات والذي سيُنشر في حلقات خلال الشّهر المقبل. اقرأ الحلقة الثانية الأسبوع القادم تحت عنوان “الفصل الأوّل: أدوات جديدة للبحث في الانتخابات”.
تواجه الانتخابات في جميع أنحاء العالم المزيد من التّهديدات المشتركة، كحملات التّضليل، والتّدخُّل الأجنبي، وتثبيط النّاخبين، وتصاعُد الاستبداد، وفساد الحملات، وحرمان الأقليّات من حقوقها، والعنف والتّرهيب.
وفي الوقت نفسه، وصلتْ حالة الديموقراطيّة في جميع أنحاء العالم إلى أدنى مستوياتها هذا القرن، حيث يعزّز “المستبِّدون المنتَخَبون” سلطتهم من خلال تحالفاتٍ فاسدة مع الأوليغارشيين ورفاقهم السّلطويين، تُقدِّمُ خوارزمياتُ وسائل التّواصل الاجتماعي المعلوماتِ المضلِّلةَ على الحقائق، وتستخدمُ الحكومات الديموقراطيّة تاريخيًا وباء كورونا والمخاوف الكارهة للأجانب كذرائع لقمع الصّحافة الحرّيّات المدنيّة. وبعد ذلك، في فبراير/شباط، تعرّضتْ أوكرانيا، وهي دولةٌ ديموقراطيّة كبرى في أوروبا الشرقيّة، لهجوم وقحٍ وغزوٍ من روسيا، التي يحكمها نظامٌ استبدادي.
إن التّغطية السّياسيّة التّقليدية ونهجَ سباقِ الخيل الذي اتُّبِعَ كثيرًا في السابق لا يكفيان أبداً لكشف التّهديدات الانتخابيّة وقياسها، أو لتتبُّع الجهات التي تقف وراءها. لهذا يتعيّن على وسائل الإعلام المستقلّة والصحفيين الرّقابيين أن يتعمّقوا في الاستقصاء عن الانتخابات التي تتصاعد خطورتها مع الوقت، وأن يحموا في الوقت ذاته معلوماتهم وأنفسهم وحرّية التّعبير بحدّ ذاتها من الاعتداءات التي يشنّها معادو الديموقراطية من كلّ جانب. يتطلّب ذلك التّحلّي بالشجاعة، والتّخطيط، والدّعم القائم على التّعاون، والأشخاص الشجعان، والأدوات الجديدة والمبتكرة للتّعامل مع هذه التّهديدات.
تجري انتخاباتٌ وطنيّة مهمّة في عام 2022 في بلدان مثل هنغاريا وفرنسا وصربيا وكولومبيا والفلبين والهند وكينيا والبرازيل والولايات المتّحدة.
الصورة: ويكيبيديا (مشاع إبداعي)
بعد ما أسماه الكثير من العلماء “الموجة الثّالثة من التّحوّل الدّيموقراطيّ” في السّبعينات والثمانينات، يحذّرُ الباحثون الآن من “موجةٍ ثالثة من الاستبداد”، حيث يتعلّم القادة الاستبداديون تكتيكاتٍ منْ بعضهم لتفتيت المؤسّسات الديموقراطية، وسنِّ القوانين القمعيّة، والاستعانة بمصادر خارجيّة للعنف والتّرهيب، والسّيطرة على المشهد المعلوماتي أو تلويثه. يمكن لهؤلاء السلطويين أيضًا أن يخلقوا ظروفًا مجحفة بحقّ المعارضة. على سبيل المثال، قام رئيس الوزراء المجريَ “فيكتور أوربان” الذي فاز حزبه “فيدس” بأغلبية برلمانيّة عظمى سنة 2010 بإعادة صياغة دستور بلاده بشكلٍ جذريّ، مما سيسهّل له ولحزبه تزوير الانتخابات المستقبليّة لصالحهم. ولكن الأبحاث تظهرُ أنّه حتى في البلدان التي يحقق فيها السّلطويّون انتصارات انتخابيّة بسيطة، كما هو الحال في بولندا، فقد تتآكل المؤسّسات الديموقراطيّة شيئًا فشيئًا، بطريقةٍ تؤدّي إلى نتائج جذريّةٍ مماثلة. يمكن للصّحفيين الاستقصائيين الإمساك بهم متلبّسين.
توصّلتْ وحدةُ الاستخبارات الاقتصاديّة لدى جريدة الـ”إيكونومست” سنةَ 2020 أن 116 من أصل 167 دولة ديموقراطيّة قد تراجعتْ صحّتها الديموقراطيّة، وخلصت إلى أن دولةً واحدة فقط – تايوان – قد اتّخذت خطوات إيجابيّة كبيرة. حتى الاتجاه الانتخابيّ الإيجابيّ الوحيد واسع النّطاق الذي وجده الباحثون -لا سيما إقبال الناخبين الأقوى في العديد من البلدان خلال العامين الماضيين- كان له بعض الآثار المخيفة. وكما أشار المعهد الدّولي للديموقراطيّة والمساعدة الانتخابية، فقد برز لدى هذه الدول نفسها الاستقطابُ السّياسيّ السّام.
ما ستجده في حلقات هذا الدّليل
تختلفُ قواعدُ وشروط الانتخابات بين بلد وآخر، وقد صُمِّمَ دليل GIJN هذا لتقديم مجموعةٍ واسعة من الأدوات والأساليب والمصادر – بالإضافة إلى المصادر المحلّيّة الأساسية الموجودة – لمساعدة الصحفيين الرقابيين في التعمّق بالبحث في أيّ انتخابات تقريبًا. على سبيل المثال، هناك تقنياتٌ في منتهى البساطة على الإنترنت للتعرّف على الأشخاص الذين يقفون وراء مواقعِ الحملات التي تروّج للخوف، وهنالك أدوات مفتوحة المصدر يمكنها جمع كلّ منشورات وسائل التّواصل الاجتماعي كأحداث الانتخابات العنيفة، والبحث في الإعلانات السياسيّة على فيسبوك، وتتبُّع لاسلكي الشرطة، والتّمحيص في قنوات التّواصل الاجتماعي المتطرّفة والمعادية للديموقراطيّة، وتتبُّع التّمويل غير المشروع للحملات، والفلترة الأوتوماتيكيّة لأكوام البيانات.
سنلقي نظرةً شاملة في هذه المقدّمة على الفصولِ الأكثر تقنيّة التي ستُنشر كلّ أسبوع، وسنذكر بعض استراتيجياتٍ التّمحيص في الانتخابات العامة حتّى تُجرَّب، وسنسلّط الضّوء على منهجيةٍ نموذجيّة للأخبار الحصرية في الانتخابات.
وسيُنشر دليل GIJN المكوَّن من خمسة أجزاء للإبلاغ عن الانتخابات بنسخته الكاملة الشهرَ المقبل، وسيتضمّن هذه المقدمة والفصول اللاحقة.
الفصل الأوّل: أدوات جديدة للبحث الانتخابيّ
طلبنا من كبار الصّحفيين وخبراء الانتخابات في جميع أنحاء العالم أفضلَ الأدوات والتّقنيات الجديدة للصحفيين الذين يحققون في الانتخابات في عام 2022 وما بعده. في هذا الفصل، سنلقي نظرةً معمّقةً على أداتِنا المميّزة ومتعدّدة الاستخدامات لتتبُّع المحادثات الانتخابيّة عبر الإنترنت والمعلومات المضلِّلة، مع رسوماتها الخاصّة. سنعرض أيضًا أداةً أخرى بسيطة للتعرّف على هوية الأفراد القائمين على المواقع المتعلّقة بالانتخابات، والتي لا يتطّلبُ استخدامها أي مهارات رقميّة أكثر من الضّغط على أمر البحث “Control-F”.
الفصل الثّاني: التحضير للانتخابات
سنعدّد في هذا الفصل الأدوات والمصادر اللازمة لفهم قواعد الانتخابات، وكيفية الحفاظ على أمنك الشّخصيّ وأمن مصادرك وبياناتك، أثناء البحث عن خيوط القصّة ومصادرها. سنقوم أيضًا بذكر اتّجاهات الانتخابات للتّحقيق فيها، بما في ذلك “قواعد اللعبة للمُستبِدّ المُنتَخب” التي تحظى بشعبية متزايدة.
الفصل الثالث: الاستقصاء عن المرشّحين
من المهم أن يفترض الصّحفيون أنهم لا يعرفون شيئًا عن السياسيين الذين يترشحون للمناصب الوطنيّة. سنشارك هنا أدواتٍ للكشف عن تاريخ المرشّحين على الإنترنت، وأصولهم المخفية، ومعلومات الاتّصال مع أشخاص يعرفونهم حقًا. سننشر أيضًا منهجيةً لتوخّي الحرص اللازم على خلفيّات المرشحين، باستخدام دراسةِ حالةٍ برازيليّةٍ كاشفة.
الفصل الرّابع: تتبُّع المحادثات الانتخابيّة والمسؤولين عن نشر المعلومات المضلِّلة
أين تجري المحادثات الانتخابيّة المؤثّرة فعليًا؟ من هم المتبرّعون بالإعلانات السياسية ومنْ ينشرون الأخبار المضللة وكيف يمكن تمييزهم؟ في هذا الفصل، سنشارك طرقًا وبالخطوات للبحث المعمّق في منصتيّ تلغرام وتويتر حيث يناقش المواطنون كلّ شيء ابتداءً من قضايا السّياسة المهمّة إلى المؤامرات الغريبة إلى المؤامرات لقلب نتائج الانتخابات.
استراتيجيات تجب مراعاتها عند البحث العميق في الانتخابات العامة
1 – ابحث عن معلومات وقواعد بيانات محلّية عن طريق الرّاصدين.
يقول الخبراء وممثلو غرفِ الأخبارِ الأعضاء في شبكة GIJN ممن بحثوا في الانتخابات إن قواعد البيانات والأدوات ضرورية إلا أنّ معظمَ التّحقيقاتِ المهمة تبدأُ بمعلومات يقدّمها أشخاص. ويشمل ذلك المبلغين عن المخالفات، والعاملين في مجال إنفاذ القانون والمجتمع المدني، ومدراء المراكز الانتخابيّة، والموظّفين في الحملات الانتخابيّة والأهم: يشمل ذلك المواطنين العاديين الذين تهمّهم الديموقراطيّة.
يقول “بات ميرلو”، مدير البرامج الانتخابيّة في المعهد الديموقراطيّ الوطنيّ الذي تموّله الحكومة الأمريكيّة، إن المجموعاتِ غير الحزبيّة التي تراقب الانتخابات في جميع أنحاء العالم توفّر للصّحفيين معلومات وفيرة. تشملُ قاعدة بيانات المعهد الديمقراطي المصنّفة حسب البلدان 251 منظّمة مفحوصة في 89 بلدًا. ويقول “ميرلو” إن المجموعات الموثوقة هي موردٌ لا تستخدمه وسائل الإعلام المستقلة بما يكفي، وقد توجِّه المجموعاتُ الصّحفيين إلى قواعد الانتخابات المحلّية المُحدَّثة ومجموعات البيانات التي سيحتاجون إليها لتقييم امتثال ِالحملاتِ والمؤيّدين للقانون. وكأمثلة على ذلك، استشهد “ميرلو” بـ”مجموعة مراقبة الكنائس المسيحية” (CCMG) في زامبيا، التي نشرت 1,108 مراقبًا في الانتخابات الرئاسية الفرعية في زامبيا لعام 2021، وكذلك تحالف المحامين الشباب وISFED (الجمعيّة الدّوليّة للانتخابات النّزيهة) في جورجيا.
وأضاف “ميرلو”: “قد ينظر البعض إلى العنف الانتخابي، وقد ينظر البعض إلى المعلومات المضلّلة، أي أن الجميع يطرحون أسئلة حول نزاهةِ قوائم النّاخبين، ومواقعِ مراكزِ الاقتراع، والأشياء العشرة التي يجب الانتباه إليها في يوم الانتخابات. هؤلاء هم الأشخاص الذين أتواصل معهم”.
2 – قم بعملك كصحفيّ كما لو أن بلدك ديموقراطيّ فعلاً، حتى لو لم يكن كذلك.
من أهمّ استراتيجياتِ تغطيةِ الانتخابات في البلدان الخاضعة لحكمٍ استبداديّ هي أن تقوم بعملك الصّحفيّ وكأنّك في بلدٍ ديموقراطيّ فعلاً قدر الإمكان. بعبارة أخرى: تابع حتّى قصصَ فسادِ الحملاتِ الانتخابية التي لن تؤدّي في الغالب إلى اعتقالات أو إقالات أو تغييرات في التصويت المسجَّل، لأنّه، كما أشارت المحرّرة المصرّية المستقلّة “لينا عطا الله“ هذا النهج يقي من الرّقابة الذاتية، ويرفع مستوى الأخلاقيات العامّة الذي يتوقعه الناخبون.
3 – اجمع من العامّة أدلّةً على الحيل القذرة في الانتخابات.
إذا كانت منصّاتُ المراسلة غير العامّة مثل واتساب هي المهيمنة على المحادثات الانتخابية في بلدك – خاصة في جنوب إفريقيا أو أمريكا اللاتينية – فإن الخبراء يوصون بأن تنشر غرفُ الأخبار رقمًأ للإدلاء بالمعلومات على واتساب من خلال تطبيق Google Voice. بعد ذلك، استخدمْ هذا المصدر لتجنيد الجماهير للإبلاغ عن أيّ ادعاءاتٍ انتخابيّة كاذبة، أو أيِّ حيل قذرة لتسجيل النّاخبين، أو أيّ ترهيبٍ متطرف يواجهونه. كما يوصي الخبراء بأن تتعاون غرفُ الأخبار المتنافسة وتستخدم نفس الرّقم للإدلاء بالمعلومات، والعمل معًا للكشف عن الممارسات غير الديموقراطيّة ثم تتبّعِ مصدرها.
هذه التّقنية مهمّةٌ أيضًا حتى في الأنظمة الديموقراطيّة المستقرّة، خاصة لاستكشاف المكالمات الآليّة المضلّلة. ومن المدهش أن تتبّعَ المسؤولين عن المكالمات التي تهدّدُ زورًا بتّدقيقٍ ضريبيٍ إضافي على النّاخبين، أو التي تنصح الأقليات بالتّصويت في اليوم التّالي ليوم الانتخابات، كانت واحدةً من أصعب المشاكل التّقنيّة التي تواجه الصحفيين. ومع ذلك، يتّفق الخبراء على أن جمع المعلومات من النّاس عن هذه المكالمات هي أفضل نقطةٍ للانطلاق.
4 – جرّب عمليّات البحث المنطقيّة البسيطة على غوغل وكررها.
تعدُّ حيل البحث المنطقيّة المتقدّمة و”Google dorks” وسيلةً قويّةً لحصر نطاق عمليّات البحث عن البيانات التي تحتاجها. ومع ذلك، فإن إحدى الخلاصات الملفتة للمقابلات التي أجرتها GIJN مع الخبراء لكتابة هذا الدّليل هي أن عمليات البحث التي يقومون بها غالبًا ما تكون بسيطة وسريعة وتعتمد على التّجربة والخطأ. في الواقع، نادرًا ما تستدعي الحاجة مهاراتٍ استخباراتيّةٍ متقدمةٍ ومفتوحة المصدر. على سبيل المثال، شاهدنا “نانسي واتزمان“، وهي صحفيّة استقصائية ومستشارة لمشروع الأمن السيبراني من أجل الديموقراطيّة بجامعة نيويورك، تجري عمليّات بحث على غوغل عن مؤامرات تخويف النّاخبين، استخدمت في غالب الأحيان كلمات مفتاحيّة مدروسة بالتّناوب، واستخدمت معها المصطلحات الأساسية “و” و “أو” في نفسِ مربّع البحث الذي نستخدمه كلُّنا على غوغل.
– هذا مثالٌ على إحدى عمليات البحث البسيطة على Google من دفتر الصحفيّة الرّقميّة “واتزمان”. بعد أعمال الشغب التي وقعت في 6 يناير في مبنى الكابيتول الأمريكي في عام 2021، استخدمتْ سلسلةً من المصطلحات المقترنة ببعضها للتحقُّق من تهديداتِ العنف لحفل تنصيب الرئيس جو بايدن في 20 يناير: “وطني” و(“مسيرة” أو “تجمّع” أو “20 يناير” أو “انتخابات مزورة” أو “آشلي بابيت” أو “اقتحام” أو “عاصمة” أو “كابيتول”) “تنصيب” و (“مسيرة” أو “تجمّع” أو “اقتحام” أو “احتيال”).
تقول واتزمان إن غوغل بحدّ ذاته قويٌّ جداً في البحث العميق في الانتخابات إذا ظلينا نحاول وإذا فكّرنا بالطّريقة التي يفكّر بها محرّك البحث، والأشخاصُ الذين نستقصي عنهم.
5 – إدارة توقّعات الناخبين.
لا ينبغي أن ينحصرَ دورُ الصّحفيين الاستقصائيين بالمساءلة ومتابعة المخالفات في الانتخابات، بل يجب أن يشمل أيضًا صحافةَ الخدمة العامّة الفعّالة التي تشدّد على مصداقية المعلومات المنشورة، وشرعيّة الانتخابات. ويشمل ذلك تقديم المعلومات بشكل مرئيّ – باستخدام أدوات ممتازة ومفتوحة المصدر مثل Flourish – لردع الادّعاءات الكاذبة عن وقوع احتيال، وتعزيز التّعاون في غرف الأخبار، وتجهيز توقّعات النّاخبين للتّأخيرات والأخطاء العاديّة في فرز الانتخابات. يوصي الخبراء أيضًا بقصص تشرح بشكل واضحٍ “لماذا فعلنا ذلك” لتعزيز الثّقة بوسائل الإعلام في البلدان المستقطَبة سياسيًا. تقترح “لين والش” مساعدة المدير في Trusting News، أن يقوم الصّحفيون بتضمين مربّعات “لماذا/كيف غطّينا هذا الخبر” بشكلٍ بارز في القصص الاستقصائيّة التي تتناول الانتخابات، وأن يفكّر الصحفيون بتصوير مقاطع فيديو تفسيريّة يتحدّثون فيها بصراحة وبصيغة المتكلّم.
دراسة حالة RISE Moldova: منهجية السّبق الصحفي الانتخابي
تعدُّ قواعدُ البيانات العالميّة والمحليّة الموثوقة مصادر ممتازة لإثارةِ أسئلة جديدة والعثور على الرّوابط وفحص الحقائق. سنشارك الكثير من مجموعات البيانات المفيدة في الفصول اللاحقة من هذا الدّليل.
ومع ذلك، يؤكّد “فلاديمير ثوريك”، محرّر اللغة الروسية في منصة RISE Moldova الاستقصائية (عضو في GIJN وعضو في مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) – أن أهمّ الأخبار الحصرية عن المخالفات الانتخابية تبدأ من أشخاص أو تسريبات، وتنتهي بمزيجٍ من البحث في قواعد البيانات، وعمليّات البحث على وسائل التّواصل الاجتماعي، والأدوات مفتوحة المصدر.
في عام 2020، اتّبع “ثوريك” وفريقه هذا المسار في تحقيقٍ أجروه عن مستشارين في الكرملين. وقال إن الأمر بدأ بتسريب من مصدر مجهول يقدّرُ التّقارير الانتخابيّة المتعمقة التي أنتجتها منصة RISE Moldova في السّابق. وأعقبَ هذا التسريب الأولي مقابلات مع مصادر متقدّمة، وتم التحقُّق منه عبر قاعدةِ بياناتٍ تُعرف باسم “أرشيف تشيرنوف”، فضلا عن تقارير تعاونيّة مع مركز الملفّات الروسي.
الصورة: لقطة شاشة (RISE Moldova)
وبفضل هذه العملية الشّاملة، كشفت RISE Moldova عن روابط وثيقة وتنسيق بين حملة إعادة انتخاب رئيس مولدوفا آنذاك وأجهزة الاستخبارات الروسيّة. كما وثّقت انتهاكات قوانين الانتخابات، ووجدت العديد من الروابط التّجارية بين عائلة الرئيس والشركات الروسية، وحددت هوية ثمانية زوار غامضين للرئاسة ومقر الحزب الحاكم على أنهم “مستشارون لتكنولوجيا الانتخابات” تمّ إرسالهم من الكرملين. حتى أن RISE Moldova أظهرتْ كيف تم إعداد بعض الخطابات المحلية وشعارات الحملة الانتخابية في وحدة نفوذٍ أجنبيٍّ روسيّة سريّة.
تمثّل سلسلةُ “ثوريك” دراسة حالة مفيدة يحتذى بها للحصول على السبق الصحفي الانتخابي. ينصح بما يلي:
– ابنِ علاقات مع الأشخاص المحيطين بالحملات ومنظمات المجتمع المدني وجهات إنفاذ القانون.
– استقصِ عن الروابط المالية والسياسية للمرشحين، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وقواعد البيانات مثل OpenCorporates و Aleph. استخدمت RISE Moldova قاعدة بيانات “أرشيف تشيرنوف”، التي تمّ تسريبها من مصادر روسيّة.
– حدِّد التّهديدات الانتخابيّة – كالتّدخُّل الروسي في هذه الحالة – التي تشير إليها مصادرك، وابحث جيدًا عن المؤشرات الدّالة على هجومٍ مناهضٍ للديموقراطيّة.
– اجذب التّسريبات من المبلغين عن المخالفات من خلال التّقارير السياسية الشّجاعة، وأعطِ منْ يدلون بالمعلومات مزيدًا من الثقة باستخدام قنوات مشفّرة مثل Protonmail للوثائق، و Signal للاتّصالات.
– استخدم أدوات البحث على وسائل التّواصل الاجتماعي لتطّلع على المحادثات السياسيّة والمعلومات الخاطئة والتأثيرات المحتملة الناجمة عن الإجراء الذي تستقصي عنه.
– تعاون مع غرف الأخبار والمنظمات غير الربحية التي تتمتّع بمصادر أفضل أو اطّلاع أعمق على المؤثّرين المقلِقين الذين تكشفهم. تعاونت RISE Moldova مع مركز الملفات الروسي للبحث المعمّق عن قسمِ الكرملين المسؤول عن التّأثير على الانتخابات الأجنبيّة.
– درّب نفسك على قواعد الانتخابات – القانون المولدوفي ، واللجنة الانتخابيّة المركزيّة في هذه الحالة – وتحقّق من الانتهاكات المحتملة لهذه القواعد.
– انزل إلى الشوارع لإجراء مقابلات شخصيّة، وانتبه لأيّ مصادر داخلية محتملة قريبة من الحملات في التجمعات والمناسبات العامّة (وهذا يشمل السّائقين والطّهاة ومصوري الحملات). التقطْ صورًا للأشخاص غير المألوفين الذي يتفاعلون مع موظّفي الحملة، وحلّل الصّور لاحقا.
– استخدم أدوات مفتوحة المصدر لتحديد وتتبع الشخصيات الرئيسية في قصتك. استخدم فريق “ثوريك” أدوات مثل PimEyes و Findclone لتحديد هوية “مستشاري الانتخابات” الخارجيين الذين لم تميّزهم المصادر.
– اطلب من الخبراء ومحللي البيانات إظهارَ الطريقة التي قد تغيّر فيها المخالفات سيرَ الانتخابات، أو كيف شوّهتْ تكتيكاتٌ مماثلة انتخاباتٍ سابقة في بلدان أخرى.
أوضح “ثوريك”: “لتكتشف خللاً كبيرًا في الانتخابات، ستحتاج إلى معلومات أوليّة لا يمكن العثور عليها في أيّ قاعدة بيانات، أي يجب أن تعثر عليها من أشخاص في مواقع جيدة أو من التسريبات. لكنك ستحتاج إلى قواعد البيانات هذه لفحص الحقائق وللتعمّق في البحث بشكل أكبر، وستحتاج الأدوات اللازمة للتّركيز على الأفراد”.
على سبيل المثال، تلقّى “ثوريك” نصيحة أولية عن اسم المستخدم “Kremlinovici” الذي كان يستخدمه رئيس مولدوفا آنذاك للاتّصالات الاستراتيجية، والذي قام بعد ذلك بتوجيه عمليات البحث المستهدفة عبر الإنترنت لفريق RISE Moldova.
ولكن كيف ينبغي أن تصل المواد المسرَّبة إلى أيدي الصحفيين؟ “النقل الشخصي للتّسريبات أمر جيد لأنه يمحو الآثار الرّقميّة”، ينصح “ثوريك”. “لكنني أوصي بعدم تلقّي التسريبات بنفسك، بل من خلال وسيط، لأن الاتّصال المباشر يمكن أن يعرّض المصدر للخطر”.
وإلى جانب الكشف عن التدخّل الأجنبي المثير للقلق لصالح مرشّح مُوالٍ لروسيا، أثبت تحقيق “ثوريك” أيضًا أن القوانين المولدوفية قد انتُهكتْ لأن المستشارين الخارجيين لم يسجّلوا أنفسهم لدى اللجنة الانتخابيّة المركزيّة. كما أظهر كيف تغيرت تكتيكات الحملة الانتخابية للرئيس الحالي بشكلٍ كبير في أعقاب تلك النّصيحة الروسية.
ملاحظة: إذا كنت تعرف أداة أو قاعدة بيانات جيّدة يمكن أن تساعد الصحفيين على البحث المعمق في الانتخابات، فيرجى مشاركتها معنا عبر hello@gijn.org. احرص على متابعة الأجزاء اللاحقة من دليل الانتخابات هذا، بما في ذلك الحلقة التّالية: “الفصل الأول: أدوات جديدة للبحث الانتخابي”.
روان فيلب صحفيٌّ عاملٌ مع الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية. كان المراسل الرئيسي لصحيفة Sunday Times الجنوب إفريقية. عمل كمراسل أجنبيّ وتناول الأخبار والسياسة والفساد والصراعات في أكثر من عشرين بلدًا.