في أعقاب سيطرة نظامِ طالبان على أفغانستان، حدث تغيُّرٌ غير مسبوق داخل الأوساط الصّحفيّة في البلاد. انتقلت بعضُ غرفِ الأخبار انتقالاً كاملاً إلى الخارج بينما بقي بعض الصّحفيين في البلاد حيث يسرّبون قصصًا تنتقدُ الحكومة إلى شركائهم في المنفى.
وعلى الرّغم من وعود طالبان باحترامِ حقوق الإنسان وحرّيّة الصّحافة، اختفتْ وسائلُ الإعلام المستقلّة الآن تقريبًا داخل أفغانستان، واختفت النُّسخ المطبوعة للمؤسسات الإعلاميّة المنفيّة، مما أجبر الكثير من الصّحفيين على الفرار من البلاد. وقد استُهدفت الصّحفيّات على وجه الخصوص داخل أفغانستان، وسرعان ما طُرِدنَ من المهنة بشكل جماعيّ. ردّاً على هذه الحملة، لجأ الصحفيون الذين بقوا في البلاد إلى تمرير رسائل مشفّرة تحتوي أدلّةً على الفساد وسوء استخدام السّلطة وانتهاكاتِ حقوق الإنسان إلى زملائهم المنفيين الذين يديرون مواقع إعلاميّة أفغانيّة مستضافة في الخارج.
يقول “سميع الله مهدي”، وهو صحفيٌّ أفغانيٌّ معروفٌ كتب مؤخرًا كتاب “القلم في وجه البندقيّة: مستقبل الإعلام الأفغاني تحت حكم طالبان” لمركز “شورنشتاين” بجامعة “هارفارد”: “إن هذا التّعاون في التّسريبات بين الصّحفيين الأفغان هو التّرياق الذي يُبقي الصّحافةَ الاستقصائيّة على قيد الحياة. ويستذكرُ “مهدي” كيف أُجبر على حبس نفسه في مكتبه في كابول لمدّة شهرين قبل استيلاء طالبان على السّلطة بعد أن هدّدَ عملاءُ شبكة “حقاني” حياته. فرّ “مهدي” إلى إسطنبول قبل يومٍ واحد فقط من استيلاء طالبان على قصر الرّئاسة فى كابول يوم 15 من آب.
وفي مواجهة هذه الظّروف الصّعبة، التزم بعض الصّحفيين الأفغان بالحفاظ على ثقافةِ الصّحافة الرّقابيّة، وإن كان ذلك على نطاقٍ محدود مقارنةً بما كان عليه الأمر قبل سيطرة طالبان. ونتيجةً لذلك، تظهر أعمال الكثير من الصّحفيين الأفغان الآن دون الكشف عن هويّتهم في موادّ على مواقع إخباريّة تُدار من الولايات المتّحدة ودولٍ أخرى خارج المنطقة، ليقوا أنفسهم من انتقامِ طالبان. حتى أن العديد من الصّحفيين المنفيين لا يعتبرون استضافةَ مواقعهم الإخباريّة في باكستان خياراً آمنًا، لأنهم يخشون أن يؤدي تبادلُ المعلوماتِ الاستخباراتيّة مع دول الجوار إلى ترحيلهم إلى أفغانستان.
ويشرح “مهدي” قائلاً: “وسائل الإعلام مثل PAYK، وEtilaat Roz، وRukhshana Media، و8am (أو هاشت-إي- صبح ديلي) وبضع منصات أخرى، تعمل في الغالب عبر الإنترنت من خارج أفغانستان، يدافعون عن القيم الصّحفيّة”، في إشارة إلى بعض المواقع الإخباريّة الصّغيرة والمنظّمات غير الرّبحيّة التي ما زالت تركّز على تغطيةِ ما يجري في البلاد. وبعد استيلاء طالبان على السّلطة، قام “مهدي” وصحفيّون مخضرمون آخرون ممّن شاركوا في تأسيس مركز الصحافة الاستقصائيّة PAYK، العضو في الشبكة الدّوليّة للصّحافية الاستقصائيّة، بإعادة تشكيل المركز خارج البلاد.
ولكن “زكي داريابي” مؤسس ورئيس تحرير “إتيلات روز“، دقّ ناقوس الخطر متسائلاً عن المدّة التي يمكن أن يستمرّ خلالها هذا الخطّ الصحفيّ إلى العالم الخارجيّ. بعد أن انتقل “داريابي” إلى الولايات المتحدة، لم يبقَ أمامه إلا نشر “إتيلات روز” على الإنترنت بعد إغلاق النسخة المطبوعة من صحيفته اليوميّة التي كانت توزّع على مستوى وطنيّ. كما اضطر إلى نقل استضافةِ موقعه على الإنترنت إلى الولايات المتّحدة لتجنُّب ما يمكن أن يخضع إليه الموقع من رقابةٍ أو إغلاق.
كما حذّر “مهدي” من أن النجاح ليس سهلاً للمواقع الإخباريّة المستقرّة خارج البلاد. وشرح قائلاً: “من الصّعب جدًا التّحقُّق من المعلومات”. قبل أن تستولي طالبان على السلطة، كانت PAYK Media تنشر بانتظام تقارير استقصائيّة قويّة، وأقرّ “مهدي” بأن الموقع لم يُوفَّق إلى أيِّ قصةٍ حصريّةٍ منذ خروجه من أفغانستان.
يقول “داريابي”: “يطارد رجال طالبان الصّحفيين ويترصّدون بهم لأيّ شيء يُنشر أو يُبثّ ضدّهم أو ضدّ حكومتهم”. على سبيل المثال، تعرّض شقيقُه الأصغر، الصّحفيّ “تقي داريابي” للتّعذيب مع زميله الصّحفي “نعمة الله نقدي” فيما يعتقدون أنه انتقامٌ لتغطيةِ احتجاجٍ نسائيّ مناهضٍ للحكومة في كابول لجريدة “إتيلات” روز في أيلول الماضي.
حالة الإعلام المستقل
عندما انهارت حكومةُ الرّئيس السّابق “أشرف غني” في منتصف شهر آب 2021، بدا أن هنالك حملة قمعٍ وشيكة ضدّ وسائل الإعلام المستقلّة، مما دفع الصّحفيين المستقلّين إلى مغادرة البلاد أفواجًا. وتشيرُ إحدى التّقديرات التي أجراها مسؤولٌ سابقٌ في أفغانستان إلى أن عدد الصّحفيين والعاملين في مجال الإعلام الذين فرّوا بلغ سبعة آلاف شخص. صعد بعضهم على متن رحلات الإجلاء إلى الولايات المتّحدة؛ وسافر آخرون عبر دبي إلى المملكة المتّحدة وأستراليا وألمانيا وفرنسا وجمهورية التّشيك. عبرَ العديدُ منهم الحدودَ إلى باكستان باستخدام تأشيراتٍ سياحيّة، ثم غادروا إلى قطر وليبيا ولبنان وألبانيا ودول أخرى.
ومع ذلك، لا يزال هنالك الكثير من الصّحفيين في أفغانستان. لم يستغرق الأمر وقتًا طويلا حتى استعادوا التّواصل مع زملائهم في الخارج، ونشأ بعد فترة وجيزة خطُّ التّسريبات.
ومع ذلك، يجب على الصّحفيين المحليين توخّي الحذر عند إرسال المعلومات والوثائق إلى زملائهم في الخارج. ولتجنُّب التتبُّع الافتراضي من قِبل طالبان، فإنهم يتجنّبون استخدام الهواتف المحمولة الشّخصيّة أو بطاقات SIM أو عناوين بروتوكول الإنترنت التي يمكن تتبُّعها لإرسال تقاريرهم عن النّظام الجديد. وبدلاً من ذلك، يجب على الصّحفيين الأفغان أن يبرعوا في استخدام الأساليب الآمنة، كاستخدام مقاهي الإنترنت المحليّة المتخفيّة، أو الإرسال باستخدام هواتف محمولة احتياطيّة أو أجهزة كمبيوتر محمولة أثناء السّفر، لتجنُّب التّعرُّف عليها من قبل السّلطات.
وقال مراسلٌ طلب عدم الكشف عن هويّته “الأمر ليس سهلاً أبدا. إنّ الوصول إلى المعلومات والمصادر ينطوي على خطرٍ جسيم. ورغم أن المعلومات محوريّة للصّحافة الاستقصائيّة الموثوقة، إلا أن سلامتنا الشّخصيّة وسلامة عائلاتنا حاضرةٌ في أذهاننا أيضا”. يوافقه “داريابي” قائلاً إن العديد من الصّحفيين المحليين يرفضون العمل معه بسبب المخاطر التي ينطوي عليها الأمر.
وعلى الرغم ممّا يبذله الصّحفيون من جهود على طرفيّ خطّ التّسريبات هذا إلى أن هنالك حدٌّ لما يمكنُ أن ينتجَه. ويشرح “داريابي” بإحباطٍ قائلاً: “لا يردُّ المسؤولون الحكوميون والمسؤولون من المنظّمات الخاصة المرتبطة بقصتنا الصّحفيّة على استفساراتنا. لقد خسرنا الكثير من القصص، وفقد الصّحفيون المحلّيون الاتّصال بمصادرهم. ليست لديهم القدرة ولا الوسائل اللازمة للقيام بذلك. إنهم مثل الجنود العُزَّل”.
مشهدٌ صحفيٌّ مدمّر
لقد كان تأثير طالبان على وسائل الإعلام الأفغانيّة المستقلّة مدمراً. ووفقًا لتقريرٍ صدر مؤخرًا عن الاتّحاد الوطنيّ الأفغاني للصّحفيين، أغلقت أكثر من 300 وسيلة إعلاميّة عمليّاتها، بما في ذلك الوسائل المطبوعة ومحطّات الإذاعة والتلفزيون بسبب المصاعب الماليّة والرّقابة الحكوميّة، وخسر أكثر من نصف العاملين في وسائل الإعلام وظائفهم. ووجدتْ دراسةٌ استقصائيّة أجرتْها منظّمة “مراسلون بلا حدود” و”رابطة الصّحفيين المستقلّين الأفغانية” أرقامًا كارثيّة مماثلة. كما توصّلت إلى أن الصّحفيات في أفغانستان تأثّرن بشكلٍ أكبر، حيث خسرتْ أربعٌ من كلّ خمس صحفيّات وظيفتها.
ونتيجةً للمضايقات واسعةِ النّطاق، اضطرت مجموعات إعلاميّةٌ كثيرة على الإنترنت إلى نقلِ استضافة مواقعها الإلكترونيّة خارجَ أفغانستان. والأكثر من ذلك، يتعيّن الآن على القرّاء المخلصين في البلاد الآن أن اللجوء إلى خوادم بروكسي أو شبكات افتراضيّة خاصة (VPN) للوصول إلى المواقع الإخباريّة المحظورة التي تجرؤ على تحدي رواية طالبان. تُنشرُ روابطُ المقالاتِ الإخباريّة غير الخاضعة للرّقابة في مجموعات واتساب أو على وسائل التّواصل الاجتماعي من قِبل حسابات غير معروفة لتصل إلى جمهور أوسع.
كما اضطرت قنوات البثّ التّلفزيوني الرّئيسيّة مثل Tolo News وAriana News إلى خفض ساعات بثّها من 24 إلى 10-12 ساعة في اليوم بسبب القيود الماليّة. وبالمثل، خُفِّضَ عددُ النشرات الإخباريّة إلى النّصف. وقد اختفت البرامج الحواريّة الإخباريّة، إذ لا يجرؤ الضّيوف على مواجهة ممثلي طالبان أو التّشكيك بهم، خشية تعريض حياتهم للخطر.
قال صحفيٌّ مقيمٌ في كابول، طلب عدم الكشف عن هويته، إن “عشرات الصحفيين تعرّضوا منذ ذلك الحين للضّرب الوحشي على يد جنود المشاة التّابعين لطالبان. ولم يحاسَب أيٌّ من المهاجمين”.
لقد أصبحت أفغانستان المكان الأكثر فتكًا بالصّحفيين في العالم. أورد تقريرٌ حديثٌ للاتّحاد الدّوليّ للصّحفيين أن تسعة صحفيين قُتلوا في البلاد بسبب العنف المرتبط بعملهم في عام 2021، وهو المجموع الأعلى في جميع أنحاء العالم. وخلال المئة يوم الأولى من حكم طالبان، وفقًا لـ NAI، فقد قُتل ما لا يقل عن ستّة صحفيين في ظروفٍ مختلفة.
وفي ظل هذه الظّروف العصيبة، يقول “مهدي” إن المؤسّسات الإعلاميّة والصّحفيين الذين ما زالوا على الأرض في أفغانستان اليوم يواجهون خياراً واحدًا فقط: الرّضوخ. وكتكتيك للبقاء، أصبحتْ وسائلُ الإعلام الرّبحيّة ناطقةً بلسان طالبان، ولا تنشر إلا البيانات الرّسميّة والأحداث وكلّ ما يوافق عليه النظام. كل شيء آخر يخضع للرّقابة الذّاتيّة.
وهذا يترك وسائلَ الإعلام المحليّة لتّغطّي قصصَ الحياة اليوميّة البريئة أو القضايا المتعلّقة ببرامج المساعدات الإنسانيّة التي يمكن أن تمنح طالبان أفضليّةً للتّفاوض مع المجتمع الدولي. ويمنع الصحفيون منعًا باتًا من تغطية الفساد أو سوء استخدام السّلطة في ظلّ حكم طالبان، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاكات حقوق المرأة، وإغلاق المؤسّسات التّعليميّة، واضطهاد الأقليّات، والقتل خارج نطاق القضاء، والسّياسات الاقتصاديّة أو القضائيّة، وسوء الإدارة أو عدم الكفاءة في الحكم، والبطالة المتفشّيّة، أو قمع الصّحفيين ووسائل الإعلام. التّقارير الاستقصائيّة الوحيدة المسموحة تركّز على فضحِ فساد ومخالفاتِ حكومةِ الرّئيس “غني” السّابقة المدعومة من الولايات المتّحدة.
وقال “أنيس الرحمن”، وهو صحفيٌّ أفغانيٌّ مقيمٌ في كابول، إن تغطية الأخبار قد انهارت في ظل حكم طالبان. ويشرح قائلاً: “هزّت خمسة انفجارات “كابول” و”نانغارهار” ومقاطعة أخرى، لكن وسائل الإعلام لم تتمكّن من البثّ”، مضيفًا أن القوّات الحكوميّة اقتحمت مكاتب Ariana News لتحذير الموظّفين من العواقب الوخيمة التي تنتظرهم إنْ أبلغوا عن الهجمات.
وخلص “رحمن”، الذي يعمل مع وسائل إعلام دوليّة كصحفيٍّ مستقل بعد استقالته من عمله في وسائل الإعلام المحلية، إلى أن “الصّحافة الاستقصائيّة باتت من مخلّفات الماضي” داخل حدود البلاد. ويقول “رحمن”: “إذا نقل الصّحفيون أخبار تفجيراتٍ أو نشروا أخبارًا تنتقد حكومةَ طالبان على تويتر أو فيسبوك أو إنستغرام، يصدرُ رجالُ طالبان تهديداتٍ عبر الإنترنت”.
ويضيف أن طالبان تستغل أيضًا دورها كمصدرٍ رئيسيّ للدّخل بالنسبة للكثير من المؤسسات الصحفية في البلاد لضمان رضوخها. ويقول “من ناحية، أوقفت الدّولة إعلانات القطاع العام لوسائل الإعلام، وأخافت المعلنين في القطاع الخاص من جهةٍ أخرى”.
وقد أشعرَ تأثيرُ طالبان المدمّر على الصّحافة الصّحفيين بأنهم غير قادرين على التّحقُّق بشكلٍ مستقل من قصصهم. وبحسب “زهرة نادر”، محرّرة موقع Rukhshana Media الإخباري الذي حصل مؤخرًا على جائزة “ماري كولفين” للصّحافة البريطانية عن عملها في تسليط الضّوء على قضايا المرأة في أفغانستان: “عندما قُطِعَ رأسُ لاعبةٍ كرةِ طائرة مؤخرًا، لم يجرؤ أحدٌ على التّحقُّق من ذلك من والدي الضّحيّة أو أسرتها. وأشارتْ إلى أن “الصّحفيات قليلات ونادرات” بعد استيلاء طالبان على السلطة. “تُلزم مذيعات الأخبار التلفزيونيّة بارتداء الحجاب”.
الإبقاء على روح الصّحافة الاستقصائيّة
على الرغم من الصّعاب التي يواجهها الصّحفيون الأفغان ما زال هنالك بعض الصّحفيين الشجعان الذين يمارسون صحافة الرّقابة التي تعرّضهم لخطرٍ شخصيّس كبير.
فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة “إتيلات روز” قصّةً عن انتهاكات طالبان لحقوق الإنسان على نطاق واسع وتعليقها للدّستور بعد أن استولت على كابول. وكما ذكر التّقريرُ بالتّفصيل، تجاهلَ النّظامُ الجديد مرارًا خصوصيّة مواطنيه من خلال شن الغارات على المنازل والتّفتيش العشوائيّ للهواتف المحمولة بحجة المخاوف الأمنيّة. بعد وقتٍ قصيرٍ من نشر التّقرير الذي يدينهم، حرصتْ وزارة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر على الإعلان عن حظرِ انتهاكِ الخصوصيةِ ومراقبةِ الهواتف المحمولة.
وفي تقريرٍ حصريٍّ آخر، كشف الموقع الإخباري عن انهيار الرّعاية الصحّيّة في البلاد، وهو الأمر الذي تحوّل إلى كارثةٍ إنسانيّة، وخاصةً بالنّسبة للنّساء والأطفال. في هذه القصّة، أجرى مراسلٌ ميدانيّ مقابلاتٍ وأبحاث، وعثر على بيانات رسميّة، ثم أرسلها خارج البلاد للنّشر. وكشف كيف أدّت سياساتُ نظامِ طالبان إلى إجبار الأطبّاء على ترك وظائفهم، وفصلت بين الأطباء والطّبيبات، ومنعت النساء من تلقّي الرّعاية الصحية والسفر دون محرم، ومنعت النّساء الحوامل من تلقي علاجات التوليد المتخصصة من الأطبّاء الذكور. وبينما يعاني 3.2 مليون طفل من سوء التّغذية والفقر المتفشّي، منعتِ البطالةُ أعدادًا كبيرة من الناس من الحصول على الرّعاية الصحّيّة الخاصّة.
وفي مادّةٍ تناولت التّفجير الانتحاري المميت الذي وقع قرب مطار كابول خلال الانسحاب الفوضوي للقوّات الأمريكيّة، دخلت منظّمة “بروبوبليكا” غير الرّبحيّة في شراكةٍ مع موقع التقارير الجديد “حي في أفغانستان” (Alive in Afghanistan) لسرد القصة. جمع التّحقيق الناتج عن تلك الشّراكة تفاصيل من مصادر عسكريّة أمريكيّة وعاملين في القطاع الطبّي في كابول تشكك في رواية البنتاغون الرسمية التي تقول أن القوّات المتحالفة أطلقت النّار لكنها لم تُصِبْ أيّ مدنيين أفغان في اللحظات التي تلت الهجوم.
ومن خلال الحفاظ على الثّقة مع المصادر الرّسمية وغير الرّسميّة على حدٍّ سواء، واستخدام أدوات التّشفير المختلفة لضمان السلامة، والاجتماع شخصيًا مع الخبراء وضحايا سوء المعاملة أو العنف، فإن هؤلاء المراسلين الشّجعان يذودون عن شعلة المساءلة داخل البلاد.
ورغم أن الوضع ما يزال فظيعًا، إلا أن هذا الشكل المرْتَجل من صحافة الرّقابة قد هزّ نظام طالبان، ويعدُّ بصيص أملٍ لشعب أفغانستان فضلاً عن كونه كيانًا صحفيًا محاصرًا يتطلع إلى محاسبة السّلطة في واحدة من أخطر دول العالم على الصّحفيين.
عامر مالك صحفيٌّ مستقلٌّ يعمل في مجال الصّحافة الاستقصائية منذ أكثر من 15 عامًا. عمل فيNews International وArab News في باكستان. كما التحق ببرنامج الزّمالة في East-West Center. وهو مقيمٌ في باكستان.