لطالما كان العثورُ على وظيفةٍ كصحفيّ استقصائيّ أمرًا أصعب، لكن الوضع الحالي أصعب من ذي قبل. تقليلُ الوظائف جارٍ في كل أنحاء القطاع، وانتهى عصرُ المنصّات الإعلاميّة الغنيّة بالإعلانات التي كانت غرف أخبارها تعجّ بالموظّفين. ومع ذلك، فإن هنالك بعض المهن المجزية أو الضّروريّة أكثر من تقارير الرّقابة.
منْ فضيحة ووترغيت في السبعينيات إلى أوراق باندورا التي تصدّرت عناوين الصّحف سنة 2021، تصدّر الصّحفيون الاستقصائيّون مشهدَ فضحِ الفساد والمخالفات. فهم جزءٌ أساسيٌّ من أيّ نظامٍ ديمقراطيّ، بل وهم أكثرُ أهميّةً في الأنظمة الاستبداديّة والقمعيّة. ورغم التّحديات فإن هنالك الكثير من الشباب الرّاغبين في خوض غمار الصّحافة الاستقصائيّة. في المؤتمر العالميّ للصّحافة الاستقصائيّة الذي عُقد مؤخرًا، كان 44٪ من المشاركين في الحدث دون سن الخامسة والثّلاثين.
ولكن كيف يمكنك الدخول إلى هذا القطاع؟ هل تحتاج دائمًا إلى سلوك الدّرب الأكاديمي، أو يمكنك أن تنجح بالتعلُّم الذّاتيّ؟ وما هي تحديات العملِ كصحفيِّ استقصائيّ في الوقت الذي يواجه فيه الصحفيون في جميع أنحاء العالم التّرهيب والرّقابة، والاعتقالات والاحتجاز،والتحرّش والبلطجة، والدّعاوي القضائية المكلفة والقضايا الاستراتيجية لمجابهة المشاركة العامّة (SLAPP)؟
لا توجد طريقة واحدة “صحيحة” لتترك بصمتك كصحفيّ استقصائيّ شاب. وفي حين يبدأ البعض في التدرُّب في صحيفةٍ محلّية، يبدأ البعض الآخر كصحفيين مستقلّين يقدّمون أفكارهم لمنصّات إعلامية في منطقتهم. يلتحق البعض بكلية الصّحافة، ويتدرّب البعض الآخر في مجالات كالقانون أو علوم الكمبيوتر. يتدرّب البعض كصحفيين في مجالات أخرى قبل أن ينتقلوا إلى الصّحافة الاستقصائيّة.
تحدثت الشّبكة العالمية للصّحافة الاستقصائيّة إلى ستة صحفيين شباب من جميع أنحاء العالم وسألتهم عن الفرصة التي فتحت أمامهم أبواب المهنة، وما هي النّصيحة التي يقدّمونها للصحفيين ممن هم في بداية مشوارهم. لم تكن لدينا فئةٌ عمرّية رسميّة، إلا أن معظمهم يقاربون الثلاثين من عمرهم وتقلّ خبرتهم عن عشر سنوات. هذه هي النّصائح التي قدّموها.
ماهيما جاين – الهند
“جاين” صحفيّةٌ مستقلّةٌ تعمل في على التقاطعات بين البيئة، والنّوع الاجتماعي، والصّحة، والقضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة. يركّزُ عملّها على حياة المهمَّشين، وعلى القضايا المنهجيّة في جميع أنحاء الهند. كانت ضمن المتأهلين النهائيين لجائزة الصحفيين الشباب لعام 2021 من مؤسسة تومسون. نشرتْ في العديد من المنصّات الهنديّة والدّوليّة، من بينها الغارديان ودير شبيغل و The Fuller Projectو Mongabay. عملت سابقًا محررةً لدى The Hindu Group، والمعهد الهندي للمستعمرات البشرية في الهند، ومركز جنوب آسيا التّابع لكلية لندن للاقتصاد في المملكة المتّحدة.
كيف حصلتِ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
بدأ اهتمامي بالتّحقيقات بالتّشكيك في أوجهِ عدم المساواة المنهجيّة التي غالبًا ما تكون مخفيةً على مرأى من الجميع حولي. لذا، وبدلاً من الفضائح الكبيرة، وكشف مخالفات الشّركات والفساد، وهي بالتّأكيد قضايا مهمّة ومطلوبة بشدّة، جذبني التّحقيق في سبب قبول شكلٍ معين من أشكال عدم المساواة، وكيف يساهم المجتمع والحكومات والمؤسّسات العامة في ذلك، والمكان الذي تشغله القضية في الأنظمة الأكبر منْ حولنا.
فعلى سبيل المثال، أدّى تأطيرُ الهندِ للعنف القائم على النوع الاجتماعي كمسألةٍ تتعلّق بالعدالة الجنائية، إلى خلق تصوُّرِ الجمهورِ للعنف ضد المرأة كمسألةٍ محصورةٍ بالجريمة والعقاب. ردّة الفعل التلقائيّة للناس والسّياسيين تنحو نحو قوانين أكثر صرامة والمزيد من العقوبات. عندما كنت أكتب عن ذلك، وجدت أنه عرقلَ وصول النساء إلى الرّعاية الصحية وهمّش دور أنظمة الصحّة العامّة في معالجة القضية.
ما هي نصيحتك للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
أعتقد أن القصص الجيّدة تحتاج إلى حوار عميق، واستجواب وتفكيك ما هو واضح، وطرح الكثير من الأسئلة. وفي أغلب الأحيان، فإن التحدث إلى أولئك الذين يتمّ تجاهلهم في الوسائل التّقليديّة هو الطريقة الأفضل للعثور على قصة لم تُروَ عن الظّلم وعدم المساواة. أؤمن أن الناس العاديين لديهم قصص غير عاديّة، ولكن يجب ان نعرف كيف ننقل هذا القصص بحساسيّة وتعاطُف، دون تعمُّد الإثارة.
مانيشا غانغولي – المملكة المتحدة
“غانغولي” صحفيّةٌ استقصائيّةٌ ومُخرجة أفلام وثائقيّة تستخدم مزيجًا من تقنيات التّقارير الاستقصائيّة مفتوحةِ المصدر والتّقنيات التّقليديّة لكشف انتهاكات حقوق الإنسان في الصّراعات والحرب. تحقيقاتُها لهيئة الإذاعة البريطانية رُشِّحت وفازت بالعديد من الجوائز الدولية، منها جائزة منظمة العفو الدّولية للإعلام. تعمل على رسالةِ دكتوراة تدرسُ تأثير أدوات الذّكاء الآلي والاصطناعي مفتوحة المصدر على الصحافة الاستقصائية في جامعة وستمنستر.
كيف حصلتِ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
يعود الفضل في فرصتي الأولى إلى “كلير نويل” الرائعة، محرّرة التّحقيقات في صحيفة التلغراف (المملكة المتحدة)، التي رأت بعض أعمالي المستقلّة المنشورة وأعطتني فرصةً تدريبيّة، ثم حصّلت لي أوّلَ عملٍ استقصائي. قبل ذلك كنت في الغالب أنتج كتب التّحقيقات بمفردي لعددٍ من المنصّات الإعلاميّة الصّغيرة أو على مدونتي، لأنني لم أكن أريد أن أتخلّى عن حلمي بأن أصبح صحفيّةً استقصائيّةً فقط بسبب الحاجز الذي يحول دون الدّخول إلى قطاع الصّحافة الاستقصائيّة والتّحديات التي تواجهها النساء المهاجرات من أمثالي.
ما هي نصيحتكِ للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
الرّفضٌ جزءٌ كبيرٌ من هذا العمل، ومن المهم جدًا أن تعرف كيف تحوّل الـ”لا” إلى “نعم”، سواء كان ذلك مع مصدرٍ تريد تضمين كلامه في التّحقيق، أو عندما تريد أن تكلّفك جهةٌ ما بإنجاز فيلم وثائقيّ. المثابرةُ ضروريّةٌ للتّعامل مع الرّفض، لذلك لا تستسلم! حاول بجد وفكّر بشكلٍ خلّاق. يُستهان بالخيال ولكنه جزءٌ لا يتجزّأ من الصّحافة الاستقصائيّة.
كارينا شيدروفسكي – البوسنة والهرسك
تقودُ “شيدروفسكي” فريقًا من الباحثين في ثمانية بلدان، حيث تساعد صحفيين من مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد (OCCRP) على تعقُّب الأشخاص والشّركات والأصول في جميع أنحاء العالم. وقد ساهمت بالبحث في العديد من مشاريع OCCRP، بما في ذلك أوراق بارادايس ومشروع دافني، مما أسهم في الكشف عن الممتلكات السرية للأسرة الحاكمة في أذربيجان. قبل انضمامها إلى OCCRP، عملت “شيدروفسكي” في صحيفة USA Today، حيث غطّت مواضيع الصحة والانتخابات الرّئاسية لعام 2016 في الولايات المتّحدة.
كيف حصلتِ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
كنت على وشك البدء بالعمل في وكالة أنباء قانونيّة في نيويورك، ولكن قبل البدء مباشرة سمعتُ عن فرصةٍ للتدريب في مجال الأخبار اليوميّة في OCCRP في سراييفو وقررت أن أغامر. لم يكن التّدريب استقصائيًا بحدّ ذاته، لكنه وضَعني في نفس الغرفة مع عددٍ من أفضل الصّحفيين الاستقصائيين في العالم. ساعدتُ حيثما استطعت، وقادني التدريب في نهاية المطاف إلى وظيفةٍ في فريق البحث، الذي يدير OCCRP ID، وهو مكتب مساعدة بحثيّ للصّحفيين الاستقصائيين. اسطتعتُ أن أتعلّم في هذا الدّور أساسيات البحث الاستقصائيّ، والأهم من ذلك، تعاون مع صحفيين من مراكز الأعضاء لدى OCCRP والتي يزيد عددها عن خمسين مركزًا.
ما هي نصيحتك للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
من منظورٍ بحثيٍّ استقصائيّ، أقول إنّه يتعيّن عليك أن تطّلع على المعلومات العامة الموجودة في منطقتك، وأن تعرف كيفية الحصول على كل تلك المعلومات. العمل الذي نقوم به في OCCRP يعبر الحدود ونتعاون باستمرار مع صحفيين من كل أنحاء العالم ممن يتمتّعون بالخبرات اللغويّة والإقليميّة للحصول على المعلومات من المؤسّسات المحلية. البحث الاستقصائي مجرّدُ قطعةٍ من اللغز، ولكنني أرى أنّها قطعة بالغةُ الأهمّيّة.
مارتين لياندرو أمايا كاماتشو – بيرو
“أمايا كاماتشو” أحدُ مؤسّسي مجلّة “نوبي روخا” (السّحابة الحمراء بالإسبانيّة)، وهي مجلة رقميّة سرديّة، فاز بجائزة مؤسسة تومسون للصحفيين الشباب لعام 2020. كما أسس وحرّر مجلّة “مالوس أبيتوس” الثّقافيّة. يعمل حاليًا على القصص التي تحقّق في الفساد، لا سيما فيما يتعلّق بالانتخابات، وصناعة الصّادرات الزّراعيّة، والقضايا البيئيّة في البيرو.
كيف حصلتَ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
لطالما نظرت إلى الصّحافة باعتبارها خدمة للشّعب. ولدي آمال كبيرةٌ في أن تتمكّن الصّحافة من تغيير بعض الجوانب السّلبيّة لمجتمعنا، مثل الفساد، وهو شرٌّ عظيم منتشر في أمريكا اللاتينية. في ظل هذه الفرضيّة، قرّرتُ أن أترك أكبر صحيفةٍ في مدينتي – بيورا – وأن أصبح صحفيًا مستقلاً يغطي مواضيع لا تستكشفها عادةً وسائلُ الإعلام التقليديّة. وللقيام بذلك دون قيود، أسستُ مجلةً “نوبي روخا”.
لدينا فريقٌ واسعٌ من الصّحفيين الشّباب، وقد فاز المشروع بثلاث جوائز مهمّة حتى الآن. اختفت في البيرو الوحدات الاستقصائيّة في الصّحف الكبرى أو فقدت الأهمّية التي كانت تتمتع بها في السّابق، ولهذا السبب نحاول، كوسائل إعلامٍ مستقلة، ملء ذلك الفراغ. نهدف إلى تنفيذ مشاريع استقصائية غير تقليديّة، والتي من شأنها أن تزعجَ أصحاب السُّلطة. الصّحافة الاستقصائيّة هي البحث عن الحقيقة، وتقريب النّظام وديمقراطيتنا من الشعب.
ما هي نصيحتك للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
لا تقبلْ أبدًا النّسخة الرّسميّة من الأشياء ، حيث أن هناك دائمًا تفسيرات مختلفة وراء كلّ شيء. من المهم أن نفهم أن الصّحافة الجيّدة لا تتعلق فقط بتغطية الخبر، بل أيضًا بتفسير البيانات، وإعطاء الأرقام التي نستخدمها وجهًا إنسانيًا، لأن الأشخاص هم الذين يتأثّرون بالأحداث التي نغطّيها. يجب أن يكون الصحفيون قادرين على رؤية الأمور من زوايا مختلفة، يجب أن نترك تحيزاتنا خلف ظهرنا، وأن نطّلع على الكثير من القضايا والتخصصات – حتّى الإحصاء والرياضيات – حتى نكون قادرين على تقديم معلومات موثوقة وصادقة للقرّاء.
أنديسوا ماتيكينكا – جنوب أفريقيا
“ماتيكينكا” صحفيّةٌ حائزةٌ على عدّة جوائز، مهتمة بالتّقارير البيئيّة وصحافة البيانات. “ماتيكينكا”زميلة في مدوّنة شؤون أفريقيا “واناداتا” وتدير حاليًا منصّة” أوكسبيكر” للتّحقيقات الصّحفيّة البيئيّة #MineAlert. أنتجت عددًا من التّحقيقات المبنية على البيانات التي حصلت عليها المنصّة ونسّقتها، وحصلت بفضل أحدها على جائزة “فوداداكوم” الإقليميّة للصّحفيين الشباب لمنطقة كوازولو-ناتال في عام 2019.
كيف حصلتِ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
حصلت على فرصتي الكبيرة في الصّحافة الاستقصائية مع “أوكسبيكر” سنة 2018، بعد وقتٍ قصيرٍ من تخرّجي. كانوا يبحثون عن متدّربٍ للانضمام إلى #MineAlert، وهي منصّةٌ للصّحافة الجغرافيّة تساعد مستخدميها على تتبُّع تراخيص التّعدين ومشاركتها، فضلاٍ عن تراخيص استخدام المياه المتعلّقة بالتّعدين التي يتم التّقدُّم لها ومنحها في جنوب أفريقيا. كما تستخدم البيانات التي تُجمَع لتغذية خريطة #MineAlert في العديد من التحقيقات. أصبحتُ مدير مشروعٍ في المنصّة في نفس العام.
ما هي نصيحتك للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
سأقول إنه يتعيّن على أيّ صحفيٍّ استقصائيّ شاب أن يكون استباقيًا في نهجه تجاه عمله وحياته المهنيّة بشكلٍ عام. من الجيّد التّحلّي بهذه الصّفة، لأنّها تجعل المرء قادرًا على التّعامل مع أيّ شيءٍ يعترض طريقك في هذه المهنة. ستصاب بخيبة الأمل من المصادر، ستواجهك أحداثٌ غير متوقعة أثناء العمل على قصص مهمّة، ولكن لو كان أسلوبك استباقيًا، ستكون في وضعٍ أفضل بكثير يمكنك من التّعامل مع تلك الأحداث، وستبقى قادرًا على إعطاء أفضل ما لديك في عملك.
بانجو داميولا – نيجيريا
“داميولا” صحفيّةٌ استقصائيّةٌ تغطّي قضايا التّعليم والصّحة والعدالة الاجتماعيّة. كانت واحدةً من “الصّحفيين الشّباب في منظمة الشّفافيّة الدّولية” سنة 2018. حقّقتْ في عمليات القتل والاختطاف التي قام بها قطّاع الطرق في ولاية زامفارا، مما أدّى إلى احتجاجات في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بتحسين الأوضاع الأمنية في المنطقة. كما حققت في الفساد في نظام العدالة، ووثّقت مخالفات الشّرطة والمحاكم ودائرة السّجون. نُشرتْ أعمالها على أهم المنصّات الإخباريّة في نيجيريا وعلى الصّعيد الدولي عبر منصّات مثل بي بي سي، وعملت مع GIJN في تغطية المؤتمر العالميّ للصحافة الاستقصائيّة لعام 2021.
كيف حصلتِ على فرصتك في الصّحافة الاستقصائية؟
حالفني الحظّ عندما بدأت العمل مع منظّمة تشجّع الاستقصاء. كانت أول مادّةٍ استقصائية لي عن الحالة المتردّية للمدارس الحكوميّة في إحدى الولايات في جنوب غرب نيجيريا. فاض بي الكيل حقًا من الأكاذيب التي كان حاكم الولاية يرددها في وسائل الإعلام. كان يُفرط في الكلام عن مدى تحسينه للتّعليم الحكوميّ في الولاية، وشعرتُ أنني بحاجةٍ إلى قول الحقيقة، لأظهر للناس حقيقةَ الوضع. لذا، ذهبت متخفيّةً لأظهر حقيقة الأشياء. عندما نُشر تقريري، تحمستُ جدًا لردود الفعل عليه. نقلتْ حكومةُ الولايةِ إحدى المدارس. تأثير ذلك التّحقيق الأول كان الدّفعةَ التي كنتُ بحاجةٍ إليها.
ما هي نصيحتكِ للصّحفيين الاستقصائيين الشباب أو الصّاعدين الذين يتطلّعون إلى دخول المهنة؟
من السّهل أن يضيعَ المرءُ في دورة الأخبار الرّوتينيّة. ولذلك فإن إدارة الوقت مهمّةٌ للصّحفيين الشباب الذين يتطلعون للانخراط في العمل الاستقصائي. عندما تكون الشخص الجديد في غرفة الأخبار، غالبًا ما ستغرق في تغطية المؤتمرات والأحداث الصّحفيّة. ابحثْ عن اهتمامٍ واستخدمْ وقت فراغك للبحث فيه. خصّص ساعتين كل يوم للعمل على مادّتك الاستقصائيّة. مهما كان العمل في غرفة الأخبار كثيفًا، سيكون هناك أوقات هادئة كالأيام الإخباريّة البطيئة. استخدم هذه الأوقات للتعمُّق في تحقيقاتك.
كن مرِنًا. التّقارير الاستقصائيّة صعبة. سيكون هنالك عقباتٌ على الطّريق؛ ستنسحب المصادر، سيتوقفون فجأةً عن الرد على مكالماتك، والحكومة لن تستجيب لطلباتك في الوقت المحدّد، وستحبطك آلاف الأشياء الأخرى. عندما تواجهك تحدّيات من هذا النّوع، خذ خطوةً إلى الوراء، وتحدّث إلى رئيس تحريرك أو إلى صحفيٍّ استقصائيّ أكثر خبرة. يتمتع كبار الزّملاء والمحرّرين بخبرة كبيرة. استفدْ منها.
كن شجاعًا ولكن لا تكن غبيًا. لدي زميل كبير يردُّ على عبارة “لا يستحقّ أيُّ تقريرٍ أن تموت لأجله” بقوله “الحظّ يفضّل الشّجعان”. المقولتان صحيحتان، ولكن الصّحفيّ الاستقصائي العظيم سيجد توازنًا بين الاثنتين. يمكن للتّقارير الاستقصائيّة أن تغيّر الأمور، ولكنها قد تضع الصحفي في طريق الأذى أيضًا. لا تغامر مغامرات متهوّرة.
اكتسب المهارات. عليك أن تعرف كيف تفعل الكثير من الأشياء. لا يكفي أن تكون كاتبًا ممتازًأ، يجب أن تعرف أيضًا كيف تصوّر وتُمنْتِج، وأن تكون قادرًا على تسجيل صوتٍ عالي الجودة، وأن تجيد استخدام الأدوات الرّقميّة، وأن تكون لديك روح راغبةٌ بالتّعلُّم.
إميلي أوسوليفان مساعدة تحرير في GIJN. عملت سابقا كنائبة رئيس تحرير لدى مجموعة إعلامية في برمنغهام، قبل أن تبدأ درجة الماجستير في الصحافة الاستقصائيّة في سيتي – جامعة لندن. عملت كمساعدة باحثة في مجموعة من مشاريع الصّحافة الاستقصائيّة.