دليل الصحفي المستقل: (9) الشراكات والتعاون

Print More

التعاون أمرٌ شائعٌ ومتزايد في المشاريع الاستقصائية.

ويمكن للعمل مع الشّركاء أن يضاعف مصادر التقارير ويزيدها إلى أقصى حد ويزيد من عدد القراء. يمكن اكتساب مهارات خاصة، مثل تحليل البيانات، أو إنشاء مرئيات، أو إعداد عناصر ملتيميديا.

هنالك الكثير من المؤلّفات حول كيفية إجراء تحقيقات تعاونيّة – كيفية بناء الثقة، وإنشاء منصّات العمل، وتبادل البيانات، وتنسيق النّشر، ومعالجة القضايا الأخلاقيّة، وما إلى ذلك. ولكن لم يُكتب إلا القليل عن مرحلة التعارف الأوليّ وكيفية تنظيم هذا “الزواج”.

في هذا الدليل المرجعي، تركز GIJN على مواضيع تشمل:

–  متى يكون التّعاون فكرة جيدة؟

– كيفية العثور على شريك.

– كيفية “إبهار” الشريك.

– ماذا يجب أن نضع في الاتّفاق.

– ما هي المزالق التي يجب أن تحترس منها.

بالإضافة إلى تلخيص الدّروس المستفادة، سوف يرشدك هذا المورد إلى مواد مفيدة عن الموضوع. يتعمّق الكثير منها في قضايا المرحلة المبكرة وفي جميع مراحل التعاون.

وفي حين أن التركيز الأساسي ينصّب على التّعاون الذي يشمل اثنتين أو أكثر من المؤسسات الإعلامية، فسوف نتطرق أيضًا إلى المجموعات المكوّنة من المنظمات الإعلامية والمنظمات غير الحكوميّة.

ولعل التجميع الأكثر شمولا للمشورة حول التعاون موجود في دليل صحافة البيانات التعاونية الذي أعدّته “راشيل غليكهاوس” لــ ProPublica، دينامو التّقارير الاستقصائية في الولايات المتحدة:.

متى يكون التعاون فكرة جيدة؟

“بعض القصص، ببساطة، كبيرة جداً بحيث لا يمكن لوسيلة إعلام واحدة أن تعالجها”، كتب “باستيان أوبرماير”، (الذي لعب دورًا مهمًا مع فريدريك أوبرماير رئيسية في كشفِ قصصِ أوراق بنما وأوراق الجنة). شارك الصحفيون الألمان بياناتهم المسرَّبة مع  الاتّحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ومقرّه واشنطن العاصمة، والذي أصبح أحد أكبر الأسماء في الصحافة التعاونية.

أحد المحرّكات الرئيسيّة للتعاون هو تناوُل قصص استقصائية عابرة للحدود.

تقول “ستيفاني موراي”، مديرة  مركز الإعلام التعاوني في جامعة “مونتكلير ستيت” في نيوجيرسي، إن الأسباب الخمسة التالية من أكثر الأسباب شيوعاً لبدء المشاريع التّعاونيّة:

– اقتراب موعد حدث كبير، مثل الانتخابات، وهذا حدثٌ معقّد جدّاً ولا يمكن أن تغطيه غرفة أخبار واحدة بشكل جيّد.

– عندما يكون هنالك أزمة تلوح في الأفق، أو أزمة قد حدثت، كما يحدث في حالة الأخبار العاجلة.

– غرفة الأخبار لديها مبادرة لفكرة تُعجب غرف أخبار أخرى، لديها جماهير مختلفة وخبرات مختلفة.

– د تواجه غرفة الأخبار مشكلة في الوصول إلى القصة بمفردها وتعتقد أن جلب المزيد من الصحفيين قد يساعد.

– تلقت غرفة الأخبار موارد أو تمويل [للقيام بمشروع تعاوني].

نقلَ عنها دليل ProPublica في الفصل الذي يحمل عنوان هل من المنطقي التعاون لإنجاز هذا المشروع؟

“توصي موراي بأنه عند التفكير في الشركاء، سيتعيّن عليك أولاً أن تقيِّم نوعَ المساعدة التي تحتاجها غرفة الأخبار الخاصة بك من المتعاونين المحتملين. قد ترغب في البحث عن شركاء لدعم نقاط الضعف الموجودة في غرفة أخبارك. هل تحتاج إلى المزيد من الصحفيين؟ هل ستحتاج إلى المساعدة في التعامل مع طلبات السجلات؟ هل تحتاج إلى خبراء في مجالات معينة مثل تحليل البيانات؟ المهارات اللغوية أو الوصول إلى المجتمعات التي تواجه أنت صعوبةً في الوصول إليها؟ أم أنك ترى الشراكة ببساطة كاستراتيجية لتوسيع قاعدة الجمهور وتتطلع إلى بناء شراكة مع أكبر مصدر للترافيك يمكنك العثور عليه؟” 

كيفية العثور على شريك

أول نصيحة من Glickhouse  للمبتدئين في مجال التعاون أنه قد يكون من المفيد العمل مع أشخاص تعرفهم من قبل”. في دليل بروبوبليكا، وفي الفصل الذي يحمل عنوان: كيفية العثور على الشركاء المحتملين  وكيفية عرض التعاون عليهم، أضافت “لقد أنشأت بالفعل الثقة والتّواصل، وهي أمور بالغة الأهمية لنجاح العمل التعاونيّ”.

“لا تتوقع من المتعاونين معك أن يعثروا عليك”، وفقًا للنصيحة الأولى في: 10 نصائح للتعاون الناجح بين الصحفيين، وهو مقال GIJN كتبه المتعاونون “غيليرمي أمادو” و”شين فنغ” و”تيتوس بلاتينر” و”ماجو توريس” سنة 2018. أوضحوا في  المقال:

“لا تدع فكرةَ قصّةٍ جيّدة تتعفّن. إذا كان لديك معلومات قيّمة وإمكانية للتعاون، حدّد الشركاء واعرض عليهم أفضل ما لديك. افعل ذلك بشكل سريع وغير رسميّ. قد يبدو هذا واضحاً، لكننا نجد أن التواصل هو الخطوة الأصعب بالنسبة للصحفيين مثلنا، الذين يعملون عادةً كالمخبرين المنفردين”.

النصيحة رقم 2 بعنوان “ابحث عن أفضل الشركاء”.

شريكك الأفضل  ليس دائماً صحفياً خارقًا يعمل في وسيلة إعلام من الطّراز الرّفيع. قد يكون مراسلًا شابًا من غرفة أخبار صغيرة أو صحفًا مستقلاً يحرّكه الشغف. أحيانًا يكون الصحفيون الأصغر سنًا أفضلَ المتعاونين لأنهم أكثر طموحًا في الغالب، وأكثر مرونة وإبداعًا. كما تفعل مع المصادر: ابحث عن الاهتمامات المشتركة بينكما. تحقق من خلفيتهم وبيانات اعتمادهم. ابحث عن شريك يتمتع بمهارات مختلفة عن مهاراتك، بحيث تكون مكملة لمهاراتك.

لإيجاد شركاء جدد، تقترح “غليكهاوس” البحث بين المراسلين ووسائل الإعلام التي تقوم بعملٍ جيد حول نفس الموضوع. وتنصح بالتوّاصل أثناء المؤتمرات الإعلاميّة.

كما تقترح التحدث مع القائمين على مركز الإعلام التعاوني للحصول على المشورة، أو البحث عن أفكار بالاطّلاع على قاعدة بيانات الصحافة التعاونية الخاصة بهم. كما تقدم أفكارًا حول الطرق العملية للوصول إلى الشركاء المحتملين، بما في ذلك الاعتماد على الأصدقاء المشتركين، إرسال إيميلات دون وجود سابق معرفة مع المرسَل إليه، ونشر نموذج الاشتراك لتتيح المجال للأشخاص حتى يأتوا إليك.

وإلى جانب الخبرة في الموضوع، فإن المهارات الأخرى مهمة أيضاً. وتشمل خبرة تنسيق الفرق الصحفية، والخبرة في إدارة المشاريع، ومهارات العمل الجماعي الجيّدة.

كتبت “ستيفاني موراي” في مقال لمركز الإعلام التعاوني لعام 2018، تفكّر بمشروع صحفيّ تعاونيّ؟  إليك 8 دروس من 6 مشاريع “العلاقات مهمة” وأضافت:

أما “لورا لي” المحررة لدى EducationNC فقالت لنا “اختر المتعاونين كما تختار أصدقاءك إن كان ذلك بإمكانك، فالثّقة أمرٌ بالغ الأهمية. فالقدرة على الكلام بصراحة، والضّحك في بعض الأحيان، والاستمتاع بالعمل سيعزز المنتج النهائي. “أعتقد أن أحد الدروس الرئيسية المستفادة هو قيمة علاقة العمل القوية بين المنظمات المتعاونة”.

ووفقاً لـ دراسات الحالة في الصحافة المحلية التعاونية (كتبه “جوي جنكينز” و”لوكاس غريفز” من معهد رويترز لدراسة الصحافة في أكسفورد 2019) فقد استخدم قادةُ التعاون تقنياتٍ مختلفة لتعيين الأفراد المشاركين في عملهم والتواصل معهم وإدارتهم ورعايتهم،

ظهرت ملاحظة مثيرة للاهتمام حول اختيار الشّركاء في مؤتمر الصحافة الاستقصائية العالمي لعام 2019 في هامبورغ. وفي بعض الأحيان، يتم اختيار الشركاء “في خضمّ العمل على التحقيق، مع ظهور احتياجات العمل الصحفي “. جاءت هذه الرسالة من “أكسل غورد هومليسجو، وهو مراسل في قناة SVT السويدية ، كما هو موضح في مقال لـ GIJN كتبه روان فيلب. وأضاف هومليسجو:

“إن أكبر ما تعلمته عن التعاون هو: إلى منْ تحتاج لكي تنجح؟ ومن الذي لا تحتاج إليه؟ عندما تتعامل مع تسريبات حساسة من الأمم المتحدة وقد تُقتل مصادرك في الكونغو في أيّ لحظة، كان من المهم أن يكون لدينا شركاء يمكننا أن نثق بهم فعلًا. لقد دعونا مجلة “فورين بوليسي” ونحن في خضمّ المشروع لأننا أدركنا أننا بحاجة إلى شخص موجود في الميدان في نيويورك ويتمتع باتصالات جيدة مع الأمم المتحدة، ويمكنه أن يعمل على هذه الزاوية على أرض الواقع”.

دليلٌ آخر من مكتب الصحافة الاستقصائية  في المملكة المتحدة، التي أسست المكتب المحلي لتشجيع مشاركة المواطنين، يذكّرنا بأن التعاون يمكن أن يحدث مع أشخاص من غير الصّحفيين:

“كما نرى، التعاون هو المنافسة الجديدة. على منصتنا الإلكترونية، ساعد المبرمجون الصحفيين في المهام التكنولوجيّة؛ أعدّ المصممون المرئيات لغرف الأخبار؛ وقدّم أفرادٌ من العامة معلومات؛ جلب الخبراء معارفهم وإطلاعهم على بواطن الأمور؛ شارك الصحفيون المصادر والاقتباسات والنّتائج”.


 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *