في هذه النسخة من صندوق أدوات GIJN – الذي يتناول أحدث النّصائح والأدوات للصحفيين الاستقصائيين – سنلقي نظرةً على عمليّة تحليل صور الأقمار الصناعيّة المأخوذة من الأشعة تحت الحمراء، وهي تقنيةٌ استخدمتها صحيفة النيويورك تايمز لتغطية حرائق الغابات في السّاحل الغربي. سنستكشف أيضًا الممارسة المثيرة للجدل المتمثّلة في استخدام تقنية التعرّف على الوجوه، وكيفيّة طلب بيانات الأقمار الصناعيّة لوكالة ناسا، وأداة بحث المستندات الجديدة من غوغل، وغيرها الكثير.
استخدام الصّور الحراريّة للتّحقيق في أصول حريق
أنتج فريق التّحقيقات البصريّة في صحيفة نيويورك تايمز فيديو يصفُ كيف اندلع حريقٌ مدمّرٌ وانتشر في ولاية أوريغون الأمريكيّة. وقد استخدم منتِجُ الفيديو “كريستوف كويتل” أداةً تسمّى “متصفّح EO” (ترمز EO إلى: رصد الأرض) للوصول إلى بيانات الأقمار الصّناعيّة. تمّ إطلاق القمر الصناعي Landsat 8، الذي بنته مؤسسة العلوم المداريّة، من قِبل الحكومة الأمريكيّة سنة 2013 ويوجد على متنه العديد من الأجهزة التي تجمع البيانات التي يتم إرسالها لاحقًا إلى الأرض. ولتصوير المنطقة التي اندلع فيها الحريق، استخدم “كويتل” صورًا من مُستَشْعِر حراريّ للأشعّة تحت الحمراء بنته ناسا لمراقبة مصدر الحرارة. قارنَ تلك الصّورة بصور الأقمار الصناعيّة الملوّنة الحقيقية، كما نرى في الفيديو أدناه، لإظهار المنطقة التي بدأ فيها الحريق.
هنالك مصدرٌ مفيد آخر هو “بيانات الحرائق النّشطة” من معلومات الحرائق لوكالة ناسا لنظام إدارة الموارد، أو FIRMS. في هذه الصفحة، يمكنك تنزيل بيانات الحريق من السّاعات الـ 24 أو الـ 48 الماضية أو الأيام السبعة الماضية، أو يمكنك تقديم طلب تنزيل من الأرشيف للبيانات القديمة.
تقدّمُ ناسا بياناتٍ منْ مجموعتين من الأدوات: MODIS و VIIRS. MODIS اختصارٌ لـ “مقياس الطّيف التّصويري المتوسّط” وهو أداةٌ مهمةٌ على متن اثنين من الأقمار الصّناعيّة التّابعة لوكالة ناسا، وهما قمرا “تيرا” و”أكوا”. ووفقًا لوكالة ناسا، يرى MODIS “سطح الأرض بأكمله كل يوم إلى يومين”. VIIRS، الذي يرمز إلى “جناح مقياس الأشعّة تحت الحمراء المرئيّة”، هو واحد من خمسة أجهزة على متن منصّة الأقمار الصناعية للشراكة الوطنية في المدار القطبي (NPP) التي تمّ إطلاقها سنة 2011. يجمع “الملاحظات التي تمتدّ على الأطوال الموجيّة المرئية والأشعة تحت الحمراء عبر الأرض والمحيطات والغلاف الجويّ”. (لمعرفة المزيد، انقر هنا للحصول على البيانات الوصفيّة المتعلّقة ببيانات MODIS، وانقر هنا للحصول على البيانات الوصفيّة المتعلّقة ببيانات VIIRS.) للحصول على مثال صحفيّ استخدم هذه البيانات، اطّلع على هذه المقالة من ZDF الألمانية حول الحرائق في القطب الشمالي.
بيانات الحرائق النّشطة من ناسا تحمل علامات جغرافيّة (مع خطوط الطول والعرض) ويمكن تعيين مواقعها باستخدام برامج أنظمة المعلومات الجغرافيّة (GIS) مثل ArcGIS أو QGIS، أو منصّات تصوير البيانات مثل Flourish، أو Datawrapper، أو Tableau. لقد أنجزتُ هذا التّصوّر على Tableau باستخدام بيانات VIIRS لسوريا في أكتوبر من سنة2017. وللمقارنة، قدّمت هذا التّصور باستخدام بيانات MODIS لنفس الفترة الزمنيّة. يمكنك النّقر على الأيام باستخدام الزّر الموجود في الزّاوية اليمنى العلوية من الخريطة. باستخدام بيانات FIRMS من وكالة ناسا، قد تكون قادرًا على إثبات مزاعم الغارات الجويّة أو التحقُّق من أن القتال قد وقع في منطقةٍ محدّدة من خلال الرجوع إلى البيانات المرئيّة ومقارنتها بالتّقارير الإخباريّة أو المحتوى الذي ينشئه المستخدمون.
تبثُّ الأقمار الصّناعيّة بيانات التّاريخ والوقت بالتّوقيت العالميّ المنسَّق UTC. ونظرًا لأنني طلبتُ بياناتٍ من وكالة ناسا للفترة الزّمنيّة الواقعة بين 4-31 أكتوبر 2017، من المهم أن نلاحظ لأغراض التحقُّق أن سوريا كانت متقدّمة بثلاث ساعات عن التوقيت العالمي المنسّق للفترة من 4 إلى 26 أكتوبر، ومتقدّمة بساعتين للفترة من 27 إلى 31 أكتوبر. وباستخدام بيانات MODIS و VIIRS تحصل على تغطيةٍ جيّدة إلى حدٍّ ما على مدار اليوم. المثير فعلًا للاهتمام هو عندما تتداخل أوقات الاستحواذ (عندما يقوم القمر الصناعيّ بأخذ صورة أو بيانات) أو تقترب من التداخل، ويمكنك أن تعرف ما إذا كانت الأجهزة تكشف عن قراءاتٍ مماثلة على الأرض. على سبيل المثال، في صباح 8 أكتوبر 2017، التقط قمران صناعيان منفصلان يستخدمان مجموعتين مختلفتين من الأجهزة، قراءاتٍ مماثلة في نفس الإحداثيات تقريباً في محافظة اللاذقية. وهنا قراءات VIIRS :
وهنا ما التقطته أجهزة MODIS الموجود على متن القمر الصناعي “تيرا“ التّابع لناسا قبل ذلك بساعتين تقريبًا:
الطاقة الإشعاعيّة للحريق، والتي تُختَصر عادةً كـ “FRP”، “هو قياس لكمّية الحرارة المنبعثة من حريقٍ ما بالميغاواط” الذي يساعد “العلماء في تحديد الجبهة النشطة للحريق”، وفقًا لوكالة ناسا. بما أن مجموعات البيانات لكلٍّ منْ MODIS و VIIRS تحتوي على قراءات FRP عالية من في نفس المكان تقريبًا، يمكننا استنتاج أن شيئًا مهمًا قد حدث في ذلك الموقع صباح يوم 8 أكتوبر. ما كان ذلك الشيء بالضبط؟ لسنا متأكدين، ولكن يمكننا استخدام مُتتبِّع صراع مثل Liveuamap للعودة إلى ذلك اليوم للاطّلاع على ما تمّ نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة التي تهمّنا في محافظة اللاذقية.
العثور على أسماء المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي
إذا وجدت اسم مستخدم ترغب في البحث عنه أكثر، جرّب وضعه على Whatsmyname.app. سيجد حساباتٍ أخرى على مواقع تحمل نفس اسم المستخدم. قد يكون هذا مفيداً جداً إذا وجدتَ الشخص الذي يهمّك، على تويتر مثلاً، ولكن لعله لم ينشر الكثير من التغريدات. باستخدام هذه الأداة، يمكنك العثور على مواقع أخرى تضمّ حسابات لهذا الشخص باستخدام نفس المؤشِّر (handle) أو اسم المستخدم.
إذا كان بإمكانك التّعامل مع لغة البرمجة “بيثون” وكنت قادراً على كتابة سطور الأوامر (command line)، يمكنك أيضًا أن تجرب أداة مشابهة تسمّى Sherlock. يمكنك تثبيت شيرلوك على جهازك الخاص أو، إذا كان لديك حساب على غوغل وبعض الإلمام بكتابة سطور الأوامر استخدام Google Cloud Shell instance.
هنالك أداة ثالثة تسمّى Holehe. تثبيتها سهل باستخدام سطر الأوامر وتقدّم مخرجات بسيطة ومصنّفة حسب اللون. وضعت اسم المستخدم الخاص بي على هذه الأدوات الثلاث ، وتوصّلت الأدوات إلى نتائج متباينة قليلاً. وهكذا، إذا وضعت اسم المستخدم الذي تبحث عنه على كل هذه الأدوات فستتمكن من الوصول إلى كل الحساب التي تحمل اسم المستخدم هذا.
هنالك طريقةٌ أخرى للعثور على حساباتٍ وسائل التّواصل الاجتماعي لشخصٍ ما، وهي استخدام Social Links PRO، وهي أداة مدفوعة الأجر(تتراوح كلفتها بين 1000 – 3000 $ +) وهي أداةٌ مستخدمة ضمن شبكة برنامج رسم الخرائط Maltego Pro الذي تبلغ كلفته 999 دولاراً في السنة. Social Links وMalego مزيجٌ قويّ لأن العديد من مصادر البيانات (بما في ذلك OpenCorporates ، DocumentCloud ، وPipl) مدموجة في أداة واحدة. وهنالك مكسب إضافي، حيث يمكنك البحث عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام تقنية التعرُّف على الوجوه وإخراج النتائج على شكل رسم بياني للشبكة.
إليك مثال سريع: لنفترض أنني أريد العثور على جميع حسابات وسائل التّواصل الاجتماعي للمدّعي العامّ لمقاطعة لوس أنجلوس “جورج غاسكون”. سأنشئ “كيانًا” أو عقدة وأضيف إليها اسمه وصورةً لوجهه، ستستخدم الأداةُ تقنيةَ التعرُّف على الوجوه ومطابقة النّصوص للعثور على حساباته على وسائل التّواصل الاجتماعيّ. عندما فعلتُ ذلك تمكّنتُ من العثور على أربعةٍ من حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: فيسبوك، إنستاغرام، تويتر، ولينكد إن.
التعرُّف على الوجه: تقنية قيِّمة ولكنها محفوفةٌ بالمخاطر
هناك أدواتٌ أخرى يمكنها البحثُ باستخدام الوجه، مثل Pimeyes و Findclone.Ru، ولكن قبل أن تذهب لتجربة تلك المواقع ولتحميل صورتك عليها لمعرفة ما إذا كانت مفيدة، يجب أن تأخذَ مخاطرَ هذه المواقع بعين الاعتبار. أداةُ Blacklight من Markup التي تمسح وتعدّ قوائم بتقنياتِ تتبّعِ المستخدم على المواقع، وجدتْ “مسجِّل جلسة” على موقع Findclone، مما يعني أنه يمكن تتبّع الضّغطات على المفاتيح وحركات الماوس. كما وجدتْ أداة Blacklight أن Pimeyes “يستخدم على ما يبدو ميزّة “تجديد النشاط التّسويقي” [Google Analytics] التي تتيح تتبُّعَ المستخدم للإعلانات الموجَّهة عبر الإنترنت”. وانتبهْ إلى أنّ تحميل صورتك يعني التخلّي عن السّيطرة على بياناتك البيومترية، وأن تحميل صورة شخصٍ آخر دون موافقته يمكن أن ينتهك شروط الخدمة أو حتّى القوانين.
يضمّ محرّكُ البحث الروسيّ Yandex بحثًا باستخدام الصورة، يمكنه الكشف عن الوجوه، ولكن نتائج البحث قد تحتوي على الكثير من التطابقات الزائفة. وخذ بعين الاعتبار أنك عندما تحمّل صورةّ على Yandex، فمن المرجّح أنّها ستُحفَظ إلى الأبد على خادم (سيرفر) في مكانٍ ما في روسيا، لهذا عليك أن تمضي بحذر. (لمزيد من التفاصيل حول Pimeyes وYandex، استمع إلى تعليقات “هينك فان إس” في ندوة GIJN هنا.) غطّت صحيفة نيويورك تايمز إمكانيات التعرُّف على الوجوه لدى Clearview.ai، ولكن الشركة لا تقدّم خدماتها حاليًا إلا لوكالات إنفاذ القانون.
على الرغم من مخاوف الخصوصيّة، يمكنُ لتقنية التّعرُّف على الوجوه أنه تكون أداةً قيّمة للصّحفيين الاستقصائيين الذين قد يرغبون في التعرّف على الأشخاص الذين شوهدوا في مقاطع فيديو منشورة على الإنترنت، ثمّ البحث عنهم، كما هو الحال في الهجوم الأخير على مبنى الكابيتول الأمريكيّ. أو النظر في حالة زعيم الحرب اللّيبي “محمود مصطفى بوسيف الورفلي”. استخدمَ المدّعون العامّون في المحكمة الجنائية الدّوليّة لأوّل مرة مقاطعَ فيديو نُشرت على وسائل التّواصل الاجتماعي للحصول على أمر اعتقال في عام 2017 لشخص شوهد في مقطع فيديو وهو يرتكب ما يزعم المدّعون العامون أنه جرائم حرب. في مقاطع الفيديو، يظهر أحد القادة العسكريين وهو ينفّذ عمليات قتل وحشيّة خارج نطاق القضاء باستخدام سلاح ناريّ، إمّا عن طريق إصدار أمرٍ لمرؤوسيه بإطلاق النّار أو عن طريق الضغط على الزناد بنفسه. يمكن استخدام مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل – سواء في السّياقات القانونيّة أو الصّحفيّة – ولكن تكنولوجيا التعرُّف على الوجوه الناشئة تمثّل معضلةً أخلاقيّة، بالإضافة إلى قضايا الخصوصيّة والأمن.
Pinpoint
سنختم مادتنا لهذا الشّهر مع أداةٍ جديدة من جوجل التي ستجذب أيّ صحفيٍّ يعمل على أنواع مختلفة من الوثائق. Pinpoint (وكان اسمها على المستوى الداخلي في Google سابقاً: Backlight) أداةُ بحثٍ عن المستندات تسحب تلقائيًا الأسماء والمنظّمات والأماكن من مجموعاتٍ كبيرة من البيانات وتعرضها بتنسيقِ قائمةٍ يمكن النقر عليها. تقبل Pinpoint العديد من أنواع الملفات المختلفة، بما في ذلك ملفّات PDF وملفّات الصّوت والصّور والنّصوص وملفات Microsoft Office مثل Word وExcel.
تحلل Pinpoint الوثائق بسبع لغات هي: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبولندية والبرتغالية والإسبانية. كما تفرّغ أوتوماتيكيًا الملفات الصوتيّة باللغة الإنجليزية على شكل نصّ. يمكنك الاطّلاع على البيان الصحفي للإطلاق من مبادرة أخبار Google هنا، أو انقر هنا لتقديم طلب للوصول إلى Pinpoint.
“براين بيرلمان“ محرّر مساعد في GIJN. متخصصٌّ في أبحاث انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام التّقنيات الجنائيّة الرقميّة المتقدمة، وتقنيات علوم البيانات، وتقنيات المصادر المفتوحة. “بيرلمان” خريج كلية الدّراسات العليا في الصحافة بجامعة كاليفورنيا – بيركلي، والمدير السّابق لمركز حقوق الإنسان في كلية القانون في بيركلي.